بمعنى الاستقبال بأن يكون المراد أنّها ستحيط بهم في النشأة الأُخرى. (١)
ثمّ إنّ صدر المتألّهين ضرب مثالاً لتقريب الموضوع ، يقول : إنّ الجسم الرطب متى فعل ما في طبعه من الرطوبة في جسم الآخر قبل الجسم المنفعل الرطوبة فصار رطباً مثله ، ومتى فعل فعله الرطوبة في قابل غير جسم كالقوة الدراكة الحسية والخيالية إذا انفعلت عن رطوبة ذلك الجسم الرطب ، لم يقبل الأثر الذي قبله الجسم الثاني ولم يصر بسببه رطباً بل يقبل شيئاً آخر من ماهية الرطوبة لها طور خاص في ذلك كما يقبل القوة الناطقة متى نالت الرطوبة أو حضرتها في ذاتها شيئاً آخر من ماهية الرطوبة وطبيعتها من حيث هي ولها ظهور آخر عقلي فيه بنحو وجود عقلي مع هوية عقلية ، فانظر حكم تفاوت النش آت في ماهية واحدة لصفة واحدة ، كيف فعلت وأثرت في موضع الجسم شيء وفي قوة أُخرى شيئاً آخر ، وفي جوهر شيئاً آخر ، وكلّ من هذه الثلاثة حكاية للآخرين ، لأنّ الماهية واحدة والوجودات متخالفة ، وهذا القدر يكفي المستبصر لأن يؤمن بجميع ما وعد الله ورسوله أو توعّد عليه في لسان الشرع من الصور الأُخروية المرتبة على الاعتقادات الحقّة أو الباطلة أو الأخلاق الحسنة والقبيحة المستتبعة للّذات والآلام إن لم يكن من أهل المكاشفة والمشاهدة. (٢)
تجسّم الأعمال من منظار العلم
بالرغم من أنّ الأدلّة النقلية والبراهين العقلية تدعم نظرية تجسّم الأعمال ، مع ذلك كلّه يمكن الاستفادة من العلوم التجريبية لتقريب تلك النظرية العقلية الدقيقة إلى الذهن البشري ، وتوضيح ذلك :
__________________
(١). البحار : ٧ / ٢٢٨.
(٢). المبدأ والمعاد : ٣٤١ ـ ٣٤٢.