والجدير بالذكر انّ هذه المسألة من المسائل التي لا بدّ من اعتماد المنهج والأُسلوب النقلي لإثباتها ولا بدّ من الرجوع في هذا الصدد إلى الكتاب والسنّة لاستنباط الحكم الفصل في هذه المسألة ثمّ معرفة ما ذا يقصد أبو هاشم من قوله باستحالة وقوعهما ، هل يريد انّ ذلك محال بالغير أو أنّه يريد الاستحالة الوقوعية؟
أدلّة القول بالخلق
إنّ مراجعة آيات الذكر الحكيم توضّح لنا وبصورة جلية انّ الجنة والنار مخلوقتان وانّهما موجودتان بالفعل ، ومن هذه الآيات قوله تعالى :
١. (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى). (١)
وإنّ المراد من (جَنَّةُ الْمَأْوى) هو الجنّة الموعودة ، والتي عبّر عنها في آيات أُخرى بتعابير من قبيل «جنة عدن» وغير ذلك من التعابير والأوصاف ، ومن الواضح أنّ الآية تؤكّد أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قد شاهد أمين الوحي عند «سدرة المنتهى» التي تقع إلى جنب جنة الخلد ، ومن المعلوم إذا كانت الجنة غير مخلوقة بالفعل يُعتبر ذكر تلك العلامة بعيداً عن الفصاحة والبلاغة التي هي من سمات القرآن الكريم الأساسية.
٢. هناك طائفة من آيات الذكر الحكيم تصف الجنة والنار بالإعداد ، وانّ الجنّة أُعدّت للمتّقين ، والنار أُعدّت للكافرين ، وهذا شاهد على وجودهما الفعلي حال الحكاية ، ومن هذه الآيات قوله تعالى :
(... أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). (٢)
__________________
(١). النجم : ١٣ ـ ١٥.
(٢). آل عمران : ١٣٣.