في المسألة ، ثمّ قال : إنّ الجنة والنار في هذا الوقت مخلوقتان ، وبذلك جاءت الأخبار وعليه إجماع أهل الشرع والآثار ، وقد خالف في هذا القول المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية ، فزعم أكثر من سمّيناه انّ ما ذكرناه من خلقهما من قسم الجائز دون الواجب.
ووقفوا في الوارد به من الآثار ، وقال من بقي منهم بإحالة خلقهما ، واختلفوا في الاعتلال فقال أبو هاشم الجبائي : إنّ ذلك محال ، لأنّه لا بدّ من فناء العالم قبل نشره وفناء بعض الأجسام فناء لسائرها ، وقد انعقد الإجماع على أنّ الله تعالى لا يفني الجنة والنار. (١)
وقال العلّامة الحلّي في «كشف المراد» : اختلف الناس في أنّ الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا؟ فذهب جماعة إلى الأوّل وهو قول أبي علي ، وذهب أبو هاشم والقاضي (عبد الجبار) إلى أنّهما غير مخلوقتين ، ثمّ نقل احتجاج كلّ على رأيه. (٢)
والذي يظهر من الإمعان في عبارة الشيخ المفيد التي نقلها في «أوائل المقالات» أنّه توجد في هذا المجال ثلاث نظريات هي :
ألف : انّ الجنّة والنار مخلوقتان وهو قول الأكثرية من العلماء.
ب : انّ خلقهما وتحت الشرائط الفعلية أمرٌ ممكن ، ولكن لا دليل عندنا على تحقّق ذلك فعلاً ، وهذه نظرية المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية.
ج : النظرية الثالثة تذهب إلى استحالة خلقهما فعلاً ، وقد تبنّى هذه النظرية كلّ من أبي هاشم والقاضي عبد الجبار.
__________________
(١). أوائل المقالات : ١٠٢.
(٢). كشف المراد : ٢٩٨ ، ط مؤسسة الإمام الصادق عليهالسلام.