تكون نتيجته إلّا الاندحار والهزيمة ، ولكن في نفس الوقت لا بدّ من الإذعان أمام حقيقة واضحة وجلية ، وهي أنّه ليس كلّ إنسان يليق أن يتّخذ صاحباً ورفيقاً في الحياة ، لأنّ الإنسان الذي تكون صحبته سبباً للانفلات الشرعي والأخلاقي والخروج عن حدود الإنسانية ليس جديراً بمقام الصحبة والصداقة ، ولذلك نجد القرآن الكريم يصرح بهذه الحقيقة ويشير إلى شدة الحسرة والندم اللّذين يملآن نفس الإنسان حينما يواجه مصيره المشئوم ، ويتذكّر أنّ سبب تعاسته وسوء عاقبته ما هو إلّا اختياره للصديق المنحرف ، يقول سبحانه :
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي). (١)
ونحن إذا راجعنا التاريخ نعثر على الكثير من القصص التي تتحدّث عن صديق السوء وآثاره ودوره السلبي في حياة رفيقه ، لأنّنا نعلم جيداً أنّه كثيراً ما انفرط عقد الحياة الأُسرية وتشتّتت عوائل وتمزّقت أُسر كانت مستحكمة وقوية ومنسجمة بسبب هذه الصحبة السيّئة.
٤. الاقتداء والتأسّي غير المتّزن بالقادة
يعتبر القرآن الكريم من عوامل الانحراف والضلال الاقتداء والتأسّي برؤساء وقادة القبائل والعشائر ، وقد أشار إلى اعتراف هؤلاء المضلّلين والمنحرفين بأنّ سبب انحرافهم وضلالهم هو الاقتداء والتأسّي غير المدروس وغير المتّزن برؤسائهم وشيوخهم :
__________________
(١). الفرقان : ٢٧ ـ ٢٩.