وبجلاء انّ واضع ذلك التاريخ هو الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه ، حيث اعتمد تلك الحادثة المهمة والمنعطف الكبير مبدأ للتاريخ الإسلامي ، فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يؤرّخ رسائله وكتبه إلى أُمراء العرب وكبار الشخصيات وزعماء القبائل بالتاريخ الهجري.
فإذا اتّضح ذلك نحاول أن ندعم ما ذكرناه بدرج بعض النماذج من تلك الرسائل النبوية والتي كانت مؤرّخة بذلك التاريخ ، ثمّ نعمد إلى ذكر بعض الأدلّة الأُخرى التي تؤيّد ما ذهبنا إليه ، وليس من المستبعد وجود أدلّة أُخرى على ذلك لم نعثر عليها هنا.
نماذج من رسائل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المؤرّخة هجرياً
١. طلب سلمان من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتب له ولأخيه (ماه بنداذ) ولأهله وصية مفيدة ينتفعون بها ، فاستدعى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً وأملى عليه أُموراً ، وكتبها علي عليهالسلام ثمّ جاء في آخر تلك الوصية :
«وَكَتَبَ عَليّ بن أَبي طالبٍ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم في رَجَبِ سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ».
٢. نقل المحدّثون (١) الإسلاميون عن الزهري قوله : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا قدم المدينة مهاجراً أمر بالتاريخ ، فكتب في ربيع الأوّل (أي شهر قدومه المدينة). (٢)
٣. روى «الحاكم» عن «ابن عباس» أنّ التاريخ الهجري بدأ من السنة التي قدم فيها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة. (٣)
هذه النصوص وغيرها من النصوص الكثيرة التي لم نذكرها روماً للاختصار
__________________
(١). أخبار اصفهان تأليف أبي نعيم الاصفهاني : ١ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٢). فتح الباري في شرح صحيح البخاري : ٧ / ٢٠٨ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٢٨٨ ط دار المعارف.
(٣). مستدرك الحاكم : ٣ / ١٣ و ١٤ وقد صححه على شرط مسلم.