الأُخرى وجّه ضربة قاصمة إلى الكثير من الحدود الأخلاقية بحيث أخضع شرف الإنسان وكرامته وعزّته إلى هيمنة المادة والثروة وانّ كلّ شيء يقع تحت غطاء المادة وخيمتها ، ولكن القرآن الكريم على العكس من ذلك يرى أنّ كرامة الإنسان وشرفه وعزّته تكمن في الأُمور التالية :
١. أفضلية الإنسان على جميع الموجودات
إنّ الاتجاه الفكري الذي يمكن أن يحفظ للإنسان أصالته وقيمته هو المذهب الذي يرى الإنسان موجوداً مركّباً من البدن والروح ، والمادة والمعنى ، والفناء والبقاء ، بل يرى أنّ جميع العالم مركّب من عالمي «الملك» و «الملكوت» ، وإنّ على الإنسان أن لا ينخدع بظواهر الأشياء ، ويتيقّن انّ كلّ ما هو موجود في هذا العالم له صورة باطنية تختلف عن صورته الظاهرية.
إنّ هكذا مذهب واتّجاه فكري يستطيع القول وبصوت محكم عن الإنسان :
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً). (١)
٢. إنّ الإنسان خليفة الله في أرضه
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ). (٢)
__________________
(١). الإسراء : ٧٠.
(٢). البقرة : ٣٠.