وأمّا الإنسان الناقص أو الطبقة غير المتكاملة فإنّها ترجع إلى النشأة الدنيا فترة يسيرة حتى تتكامل ، وهذا يعني أنّ هذه الطائفة تفتقد المعاد لفترة محدودة فقط إلى أن تصل إلى كمالها النظري والعملي ، وحينئذٍ ينقطع التناسخ فلا تعود إلى الدنيا وتلتحق بطائفة المتكاملين ، ويكون حينئذٍ مصيرها المعاد وتقوم قيامتها.
وأمّا النظرية الثالثة ـ التناسخ الصعودي ـ فلا تتنافى مع القول بالمعاد أدنى منافاة.
نعم انّ نقطة الخلل في هذه النظرية هي في تبيين الخط التكاملي للإنسان حيث اعتبرت الروح الإنسانية تمرّ بدورات منفصلة ومتعدّدة حيث تنتقل من النبات إلى الحيوان إلى القرد ثمّ إلى الإنسان ، والنفس وفقاً لهذه النظرية تشبه الطائر الذي يُنقل من قفص إلى قفص آخر ومن نقطة إلى نقطة أُخرى من دون أن توجد بين تلك المراتب أيّة صلة ورابطة أبداً. فإنّ للنفس في كلّ مرحلة بدناً خاصاً بها حتى تصل إلى بدن الإنسان ومنه تنفصل ويكون مصيرها إلى المعاد.
نعم إنّ القائل بهذه النظرية لو جعل مدارج الكمال متّصلة ، لشكّلت هذه النظرية نقطة التقاء واضحة مع نظرية صدر المتألّهين (الحركة الجوهرية) ، فإنّ النفس بناء على نظريته منذ دورها الجنيني وحتّى إلى مرحلة الإنسان تمرّ بمراحل النبات والحيوان والإنسان بنحو مستمر ومتواصل دون أن يتخلّل في الوسط انفصال وخلاء في الموضوع ، وفي الختام تعرج نحو المعاد.
والخلاصة : انّ هذه النظرية وإن كانت لا تتصادم مع القول بالمعاد ، إلّا أنّها مرفوضة من وجهة النظر الفلسفية.
٢. التناسخ المطلق والعناية الإلهية
نشير هنا إلى مسألتين هما :