الأُولى : انّ القائلين بالتناسخ المطلق أطاحوا بفكرة المعاد ، زاعمين أنّ القول به يغني عن المعاد ، والحال أنّ الأدلّة والبراهين الفلسفية تحتّم المعاد وتعتبره أصلاً ضرورياً ، ولعلّ القائلين بهذه النظرية بسبب جهلهم بحقيقة المعاد توجّهوا صوب هذه الأساطير ، واعتبروا التناسخ بديلاً طبيعياً للمعاد ، والحال أنّ الأدلّة الستة لحتمية المعاد لا تعتبر هذا النوع من الرجوع هو الغاية من المعاد أبداً ، وذلك لأنّ الغاية من المعاد لا تنحصر في الجزاء ، ليكون القول بالتناسخ والانسجام مع الحياة السابقة مؤمّناً للعدل الإلهي ، بل لحتمية وضرورة المعاد أدلّة متعدّدة لا تؤمّن ولا تتحقّق إلّا بالقول بانتقال الإنسان إلى الحياة الأُخرى.
فطبقاً لهذه النظرية تكون القدرة الإلهية محدودة بخلق الإنسان الذي يعيش حالة متواصلة من التحوّل في عجلة التحوّلات والتقلّبات ، وكأنّه سبحانه يعجز عن أن يخلق إنساناً آخر.
الثانية : انّ النفس على القول بالتناسخ المطلق لا تخلو من حالتين : إمّا أن تكون عرضاً منطبعة في البدن الأوّل قائمة به ، أو تكون جوهراً لها حظ من التجرّد.
فعلى الفرض الأوّل يلزم انتقال العرض من موضوع إلى موضوع وهو أمر محال ، لأنّ واقع العرض قيامه بالموضوع ، وعلى فرض الانتقال تكون النفس المنطبعة في حالة الانتقال ـ الحالة الثالثة ـ بدون موضوع وتكون مستقلة.
وبعبارة أُخرى : انّ النفس المنطبعة لها ثلاث حالات :
أ. النفس في البدن الأوّل.
ب. النفس حالة الانتقال من البدن الأوّل إلى الثاني.
ج. النفس بعد الانتقال إلى البدن الثاني.
ففي الحالة الأُولى لها موضوع ، وكذلك الأمر في الحالة الثالثة ، إنّما الكلام في