(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ...) (١)
اختلف في كيفية وجود العمل محضراً. فقيل : تجد صحائف الحسنات والسيئات ، عن أبي مسلم وغيره ، وهو اختيار القاضي.
وقيل : ترى جزاء عملها من الثواب والعقاب ، فأمّا أعمالهم فهي أعراض قد بطلت ، ولا تجوز عليها الإعادة فيستحيل أن ترى محضرة. (٢)
يقول العلّامة المجلسي قدسسره بعد نقل نظرية الشيخ البهائي المؤيدة لفكرة تجسّم الأعمال : القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضاً ، والعرض جوهراً في تلك النشأة مع القول بإمكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة ، إذ النشأة الآخرة ليست إلّا مثل تلك النشأة ، وتخلّل الموت والإحياء بينهما لا يصلح أن يصير منشأ لأمثال ذلك. (٣)
من هنا يظهر أنّ المخالفين للنظرية يتمسّكون بأمرين ، هما :
١. انّ الأعمال من مقولة العرض وهي تفنى بعد صدورها أو بعد الموت ، فلم يبق شيء حتّى يتجسّم بشكل آخر في عالم الآخرة.
٢. انّ نظرية التجسّم معناها انقلاب العرض إلى الجوهر ، وهو محال.
التحقيق في الأمر
والحقّ انّ كلا الإشكالين غير واردين على النظرية ، وذلك لأنّ الإشكال الأوّل لا أساس له من الصحة ، وهو باطل قطعاً ، لأنّ البراهين العقلية قائمة على أساس أنّ من طرأ عليه الوجود ولبس لباس الوجود لا يعدم أصلاً ، وانّه يبقى في
__________________
(١). آل عمران : ٣٠.
(٢). مجمع البيان : ١ / ٤٣١ ، ط صيدا.
(٣). بحار الأنوار : ٧ / ٢٢٩.