ب : انّ الإنسان له قدر أكبر من الاستعداد لإفاضة الحياة عليه والتي قد تجاوزت مراتبها النباتية والحيوانية.
فعلى أساس هذين الأصلين (استعداد النباتات ـ ولياقة الإنسان) فقد شاءت الإرادة الإلهية أن تتعلّق الحياة في سيرها التكاملي بالنبات الأقرب للحيوان ، ثمّ تنتقل منه إلى عالم الحشرات ثمّ إلى عالم الحيوانات التي هي أقرب للإنسان ، ثمّ بعد التكامل والوصول إلى المرحلة الفردية تقفز إلى الحياة قفزة لتستقر في الإنسان لغرض الاستكمال حيث تتدرج من الأدنى «النازل» إلى الدرجة الكاملة. (١)
وبعد أن عرفنا أقسام التناسخ والفرق بينها نذكر لتحليل هذه النظريات ونقدها مجموعة من المطالب :
١. التناسخ والمعاد
إنّ الإمعان في الأقسام الثلاثة التي ذكرناها للتناسخ يوضح وبجلاء ، انّ القسم الأوّل (التناسخ المطلق) على طرف النقيض مع المعاد وانّه يتنافى معه بدرجة مائة بالمائة ، وانّ القائلين بهذه النظرية لا يؤمنون بالمعاد ولو على نحو محدود جداً وعلى سبيل النموذج فقط ، وذلك لأنّه وفقاً لهذه النظرية يكون الإنسان في عودة مستمرة إلى الحياة الدنيا وانّه دائماً يرجع إلى النقطة التي بدأ منها.
والحال انّ التناسخ النزولي المحدود لا يقول بالشمولية والعمومية لا على صعيد الأفراد ولا على الصعيد الزماني ، بل يرى أنّ الإنسان الكامل لا يرجع إلى النشأة الدنيا منذ الانتقال الأوّل من البدن ، ولذلك فله معاد منذ اليوم الأوّل لوفاته ، بمعنى أنّ موتهم يكون سبباً لانتقال نفوسهم إلى عالم النور.
__________________
(١). أسرار الحكم : ٢٩٣ ـ ٢٩٤.