سبحانه مستعيناً بكلّ تلك النعم التي توفرت له ، ومن المعلوم أنّ الاستفادة من تلك الطرق والوسائل لتحصيل هذا النوع من الهداية غير مشروط بأي شرط أو قيد ، وانّ الإرادة والمشيئة الإلهية تعلّقت بأن تضع كلّ تلك الوسائل تحت تصرف جميع أفراد الإنسان واختيارهم.
الهداية الخاصة
إنّ هذا النوع من الهداية يختص بمجموعة وطائفة خاصة من الناس الذين تشملهم العناية الإلهية الخاصة ، وهذه الطائفة ـ وكما قلنا ـ هي تلك المجموعة من عباد الله الذين استغلّوا الهداية العامة واستفادوا منها على أكمل وجه بحيث استنارت قلوبهم وأرواحهم بنور الهداية العامّة.
إنّ هذه الطائفة من الناس حينما استغلت الهداية العامّة ـ التكوينية والتشريعية ـ بالنحو الأكمل جعلت من نفسها محلاً مناسباً لنيل الفيض الإلهي الخاص والرعاية الإلهية الخاصة ، وأن يشملها الإمداد الغيبي والتوفيق والتسديد الإلهي (الهداية الخاصة).
وهذه الحقيقة التي ذكرناها ـ وهي انّ الهداية الخاصة تشمل تلك الطائفة من الناس الذين استفادوا من الهداية العامة بأحسن وجه ـ هي من الحقائق التي بيّنها القرآن الكريم في آيات متعدّدة ، حيث قال في بعضها :
(... إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ). (١)
وفي آية أُخرى قال سبحانه :
(... اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ). (٢)
__________________
(١). الرعد : ٢٧.
(٢). الشورى : ١٣.