بِها لا مَحالَةَ إِمّا عَلى جَنَّةٍ أَوْ عَلى نارٍ ...». (١)
مواقف القيامة من وجهة نظر المتكلّمين المسلمين
لقد مرّ بعض المتكلّمين المسلمين على هذه المسألة مروراً سريعاً وبنحو الإجمال ولم يولوها أهمية كبيرة ، ولكن علمين كبيرين من أعلام الشيعة الكبار قد اهتما بهذه المسألة اهتماماً خاصاً ، فكان لكلّ واحد منهما نظرية خاصة في هذا المجال ، وهذان العلمان هما : «الشيخ الصدوق المتوفّى ٣٨١ ه» و «الشيخ المفيد المتوفّى ٤١٣ ه» ، وها نحن نعرض هاتين النظريتين ليطّلع عليها القرّاء الكرام.
العقبات عند الشيخ الصدوق
إنّ للشيخ الصدوق قدسسره تفسيراً ونظرية خاصة في المجال تنطلق من منهجه الذي اعتمده في دراسة باقي المسائل ، وهو منهج الاعتماد على ظواهر الآيات والروايات حيث قال قدسسره :
اعتقادنا في العقبات التي على طريق المحشر انّ لكلّ عقبة منها اسمها اسم فرض وأمر ونهي ، فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها فرض وكان قد قصّر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحق الله فيها ، فإن خرج منها بعمل صالح قدّمه أو برحمة تداركه نجا منها إلى عقبة أُخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كلّ عقبة فيسأل عمّا قصّر فيه من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيا حياة لا موت فيها أبداً ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبداً ، وسكن في جوار الله مع أنبيائه وحججه والصدّيقين والشهداء والصالحين من عباده ، وإن حبس على عقبة فطولب بحقّ قصر فيه فلم ينجه عمل صالح قدّمه
__________________
(١). نهج البلاغة ، قسم الرسائل والوصايا ، رقم ٣١ ، ط. صبحي الصالح.