وقاعدة عامة.
إنّ الصدفة بهذا المعنى من المصطلحات الرائجة على ألسنة عموم الناس ، مثلاً يقول : لقد صادفت في سفري إلى كربلاء صديقي فلاناً بعد سنين طويلة من الفراق ، أو أنّه حفر بئراً فصادف كنزاً ، أو غير ذلك من الأمثلة.
ومن المسلّم به انّ ظهور وحدوث تلك الوقائع ـ مشاهدة الصديق أو العثور على الكنز ـ تحت تلك الشروط لا يخضع لضابطة كلّية وقانون عام ، بمعنى أنّه ليس كلّ من يسافر فإنّه سيلتقي لا محالة بصديق قد افتقده مدّة طويلة ، أو كلّ مَن يحفر بئراً يعثر على كنز ، بل هناك علل وشروط خاصة اقتضت أن يعثر في هذا البئر على الكنز ، ولكن ذلك لا يمثل ـ أبداً ـ قاعدة كلّية وقانوناً عامّاً ودائماً.
وبالنتيجة هناك فرق أساسي بين عدم وجود العلّة أساساً وبين عدم عمومية وكلّية هذه العلّة ، وحسب التعبير الفلسفي «انّ هذه الظاهرة ليست ملازمة لنوع العلّة» بمعنى أنّه «ليس كلّ حفر بئر يؤدي إلى العثور على الكنز» وإن كان الحفر في حالة خاصة قد أدّى إلى الوصول إلى تلك النتيجة.
وأمّا جواب الشطر الثاني من السؤال فهو :
إنّ تفسير الحوادث التاريخية من خلال الصدفة يتماشى مع التفسير الثالث للصدفة ، فعلى سبيل المثال : يذكر المؤرخون في سبب نشوب الحرب العالمية الأُولى : انّ الحرب نشبت على أثر اغتيال ولي عهد النمسا ، ممّا أدّى إلى إشعال فتيل الحرب في أُوروبا بأسرها ثمّ العالم ، وهذا يعني أنّ حدثاً صغيراً قد وقع والذي قتل على أثره أحد الأُمراء ، سبّب وقوع تلك الفاجعة العظيمة في العالم.
فهنا إطلاق الصدفة يراد منه أنّه وبسبب بعض الشروط والأسباب الخاصة