وإذا ما وجد من يصطلح على بعض التحوّلات الطبيعية أو التاريخية مصطلح «الصدفة» فليس مراده ـ قطعاً ـ انّ هذه التحوّلات قد حدثت من دون علّة ، بل مراده هنا من لفظ «الصدفة» هو «الاتّفاق».
٢. الصدفة : بمعنى صدور النظم والسنن عن سلسلة من العلل غير العاقلة وغير المدركة ومن دون أي محاسبات عقلية ، وحسب الاصطلاح : تفسير العالم على أنّه وليد سلسلة من العلل المادية الفاقدة للشعور والإدراك.
إنّ الصدفة بهذا المعنى قبلها وتبنّاها المفكّرون الماديون ودافعوا عنها حيث إنّهم اعتقدوا أنّ النظام العالمي وليد انفجار هائل حدث في عالم المادة فأوجد حالات كثيرة من الفعل والانفعال أدّت إلى وجود العديد من النظم ، ثمّ ومن خلال اجتماع تلك النظم الصغيرة ، تولّد ذلك النظام العالمي المحيّر للعقول ، فعلى هذا الأساس لا يكون النظام العالمي مولوداً بدون علّة وإنّما هم يسلّمون أنّه وليد علّة ما ، ولكنّهم لا يفسّرون تلك العلّة بالعلّة العاقلة المدركة والواعية.
والحال أنّ التساؤل التالي يطرح نفسه وبقوة : هل يا ترى يمكن لهذا العالم الواسع والبديع والعجيب المبتني على النظام من الذرة إلى المجرّة ، أن يكون وليد تلك الصدفة والمادة الصمّاء؟!!
ونحن هنا لسنا بصدد الإجابة عن هذا التساؤل ولكن نقول على نحو الإجمال : إنّه يستحيل لهذه الصدف ان تولد حالة واحدة من مليارات الحالات المنظمة في العالم فضلاً عن تكوين كلّ هذا النظم.
٣. الصدفة : بمعنى حدوث الظواهر الكونية أو التاريخية من خلال علّة وعامل ، إلّا أنّ هذا العامل وهذا السبب لا يخضع لقانون وضابطة كلّية عامّة ، ولا يمكن اعتبار ظهور تلك الحوادث ـ بعد ذلك العامل أو السبب ـ قانوناً كلّياً