عدّة إشكالات على تلك النظرية ، ومن جملة تلك الإشكالات ، الإشكال التالي : انّ الأعمال من مقولة الأعراض ، ومن المعلوم أنّ الأعراض تفتقد الثقل فكيف توزن؟
وفي الحقيقة إذا كان الإشكال الوارد على هذه النظرية ينحصر في هذا الإشكال فقط، فهو قابل للدفع ، إذ بإمكان أصحاب النظرية دفعه بأن يقولوا :
إنّ المراد هو توزين صحائف الأعمال ، أو جعل الحسنات أجساماً نورانية والسيئات أجساماً ظلمانية.
ولكن في (١) الحقيقة أنّ سبب وهن النظرية وعدم ثباتها انّها في الحقيقة تمثّل نظرة سطحية وساذجة لآيات الذكر الحكيم وتعتمد اعتماداً كليّاً وواضحاً على الظهور الحرفي والتصورّي للكلام ، ومن الواضح أنّ هذا المنهج لا قيمة علمية له. بل اللازم هو جمع القرائن الحافّة بالكلام وإمعان النظر في الآية والبحوث الأُخرى ثمّ الحصول على الظهور التصديقي للآية واعتماده محوراً للحكم والتفسير. ولتقريب الفكرة نستعين بذكر المثال التالي :
من المتداول على الألسن للتعبير عن الجود والسخاء أن يقال : «فلان باسط اليد ولا يغلق بابه» ، ومن الواضح أنّ هذه الجملة تشتمل على ظهورين :
أ. الظهور البدوي والتصوّري وهو : كون يده المحسوسة مبسوطة لا تجمع وانّ باب بيته لا يغلق لعدد من الأسباب والعلل.
ب. الظهور التصديقي وهو : انّ هذا الإنسان كثير العطاء والسخاء والجود ، وانّ بابه مفتوح للضيوف والمارة ، وانّه يمد يد العون للمحتاجين والمعوزين دائماً.
ولا ريب أنّ التفسير الأوّل غير صحيح قطعاً فلا بدّ من حمل الجملة على
__________________
(١). شرح المقاصد : ٣ / ٢٢٣ ، ط. آستانه.