وعلى كلّ حال فإنّ متعلّق «السبق» هو الخيرات والأعمال الحسنة ، وإنّما أُطلق عليهم هذا الوصف لمسارعتهم في نيل تلك الأفعال الخيّرة والأعمال الصالحة.
نعم استعمل القرآن الكريم مصطلح «السابقون» بنحو يكون المتعلّق فيه هو السبق في قبول الإسلام وترك الكفر ونبذ الوثنية ، وهذا ما أشارت إليه الآية التالية :
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ...). (١)
وبالطبع يمكن القول ـ وبنحو ما ـ انّ السبق إلى الإسلام ونبذ الوثنية هو من أفضل وأكمل مصاديق السبق إلى الخيرات والأعمال الحسنة ، وفي الحقيقة انّ هذا القسم من السابقين أحد مصاديق «السابقون في الخيرات» ، ولعلّ الآية التي وردت في سورة الواقعة والتي تكرر فيها لفظ «السابقون» حيث قال تعالى : (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) ناظرة إلى كلا الصنفين وكلا الحالتين : «السابقون إلى الإسلام ونبذ الوثنية» و «السابقون في فعل الخيرات والأعمال الحسنة».
وخلاصة القول : السبق إلى الخير والفوز على الآخرين في ميادين السباق ونيل قصب السبق في القيام بالوظائف وفعل الخيرات ، يعتبر علامة الجدارة والصفاء الروحي ونقاء العقل والفكر ، لأنّ أصحاب العقول المستنيرة وذوي البصائر ، يميزون الخير عن الشر ويسارعون إلى فعل الخيرات ونيل المكرمات.
إلى هنا تعرّفنا على متعلّق مصطلح «السابقون» ، وكذلك اتّضح لنا ما هو المراد من «السابقون» ، وحان الوقت للحديث عن خصائص «السابقون» والتي ذكرت في القرآن الكريم.
__________________
(١). التوبة : ١٠٠.