نفخ الروح أو النفس في البدن ، وفي الحقيقة انّ هذه المرحلة هي أهمّ المراحل ، لأنّ من خلال هذه المرحلة امتاز الإنسان عن غيره وجعلت له أفضلية على غيره ، لأنّ هذه المرحلة جعلت منه موجوداً مركباً من عدّة أبعاد ، فمن جهة هو موجود متعقّل مفكّر يمتلك فكراً وعقلاً يوصله إلى مصاف الملائكة ، ومن جهة أُخرى جهّز بمجموعة من الغرائز والميول النفسية التي إن لم تخضع للسيطرة والموازنة والرقابة العقلية فانّها تجمح به لتلقيه في قعر الذلّ والسقوط والانحدار.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المرحلة بقوله سبحانه :
(فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ).
وبهذا المضمون وردت الآية ٧٢ من سورة ص.
والنكتة الجديرة بالذكر هنا والتي تنفع لرفع التوهّم الذي قد يحصل من خلال ظاهر الآية ، وهي : إنّ من الثابت قطعاً أنّ الله سبحانه ليس بجسم ولا روح لكي ينفخ في الإنسان منها ، وإنّما عبّر عنها بهذا الأُسلوب وأضافها إليه لغرض بيان عظمة الروح الإنسانية كما أضاف سبحانه الكعبة المشرّفة إليه ، وقال جلّ شأنه :
(... أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ...) (١). (٢)
__________________
(١). البقرة : ١٢٥.
(٢). منشور جاويد : ١١ / ١٨ ـ ٢٤ وج ٤ / ١٩٩ ـ ٢٠٣.