بنفسها ، وليس هنا قيد حصل الامتياز بسببه أيضا وإن كان هو علم المنذر بحصول العلم للمنذر بإنذاره ، فإنّ الشارع رأى أنّه لو قيّد بذلك فأوجب الإنذار الذي يعلم المنذر أنّه مفيد للعلم فربّما يخطأ في تشخيص مصداقه ، فيعلم المفيد غير المفيد ، فلهذا أوجب عليه جميع الأفراد إدراكا لما فيها من الواجب الأصلي ، ولا يعدّ هذا من اللغو في شيء.
وإن شئت توضيح ذلك بالمثال فلاحظ حاكم البلد حيث يأمر الحفظة بالليل بأخذ كلّ من وجدوه بعد مضيّ أربع ساعات من الليل مثلا ، مع أنّ من الواضح أن ليس المقصود إلّا أخذ السارق ، ولكن لمّا لم يكن للسارق علامة يمتاز بها عن غيره ، والإحالة إلى نظر الحفظة أيضا قد يؤدّي إلى خلاف الواقع ، إذ اللازم حينئذ عدم أخذ مشكوك الحال لأجل الشبهة المصداقيّة فلا جرم جعلوا المأمور به أخذ كلّ من يخرج بالليل بعد المدّة المعيّنة.
وهنا فرد آخر وهو ما إذا حصل العلم بسبب إنذار المتعدّد منضمّا لا من كلّ واحد منفردا ، فحينئذ حاله حال ما إذا لم يتمكّن العشرة كلّ منهم منفردا لرفع الحجر مع قدرة المجموع بهيئة الاجتماع عليه ، فحينئذ وإن كان إعمال قوّة كلّ مطلوبا مقدّميّا ـ وقد قلنا في باب المقدّمة : إنّ وجوب المقدّمة مختصّة بحال وجود سائر المقدّمات ـ ولكنّ الواجب هنا تعليق الحكم بنحو الإطلاق نحو عمل كلّ واحد واحد ؛ إذ لو كان الوجوب في حقّ كلّ مشروطا بإقدام غيره فيلزم أن يتقاعدوا جميعا ولا يكونوا في هذا الفرض بعاصين ، فيلزم نقض الغرض ، فإذا انحصر طريق دفع نقض الغرض بتوجيه الأمر المطلق نحو كلّ واحد يجب عقلا ذلك وإن كان ملاك الحبّ مخصوصا بحالة الاجتماع ، فهذا نظير أمر العسكر بالتهاجم على العدو بإلزام كلّ فرد منهم على سبيل الإطلاق وتوعيده على التخلّف ، غاية الأمر حمل كلّ على الإقدام هناك بالعمل الخارجي يعني بالزجر الخارجي ، وهنا يكون بالأمر التشريعي.
فقد تحصّل ممّا ذكرنا أنّ الآية لا تنفع لحجيّة الإنذار تعبّدا أصلا ، وإنّما يفيد