تفسير الأتقى بذلك في قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(١) ويكون الأمر بالتقوى حقه لمطلق الرجحان كما أشار إليه الماتن بقوله : مع أنّ غايتها الدلالة على الرجحان إلى آخره ، ولعل سياق هذه الآية وأمثالها دال على ذلك صارف للأمر عن ظاهره من الوجوب ، فليتأمل جيدا.
هذا كله بملاحظة الجمود على لفظ الآية بنفسه ، وإلّا فقد حكى المحدّث الكاشاني في تفسيره (٢) في ذيل الآية في سورة آل عمران أنه ورد في المعاني والعياشي سئل الصادق (عليهالسلام) عن هذه الآية «قال : يطاع ولا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر» والعياشي أنه (عليهالسلام) سئل عنها «فقال (عليهالسلام) منسوخة ، قيل وما نسخها؟ قال (عليهالسلام) قول الله : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) انتهى ، ثم بعد ذلك يذكر رواية أخرى عن العياشي يظهر منها أنّ المراد من التقوى الاعتقادات الحقة ، وقريب منها ما في مجمع البحرين (٣) فراجع.
ومع هذا كله كيف تطمئن النفس بظاهر الآية الجمودي لو كان حتى يصحّ الاستدلال بها للمقام.
قوله : وأما عن آية التهلكة فبأن الهلاك بمعنى العقاب معلوم العدم (٤).
قد مرّ منع حكم العقل بقبح العقاب في مثل المقام من الشبهات الطارئة
__________________
(١) الحجرات ٤٩ : ١٣.
(٢) تفسير الصافي ١ : ٣٣٧.
(٣) مجمع البحرين ١ : ٤٥١.
(٤) فرائد الأصول ٢ : ٦٣.