العرفية تجد ما ذكرنا بحيث لا يبقى لك شك وريب ، ولذلك قلنا سابقا إنّ العقل لا يعذر العامل بالأصل قبل الفحص لو خالف الواقع ، وإن فرض أنه لو أتعب نفسه في الفحص لم يجد دليلا أيضا وكان حكمه العمل بالأصل ولم يعاقب على مخالفة الواقع وكان معذورا ، إلّا أنّه إن ترك الفحص وعمل بالأصل يعدّ عاصيا لو خالف الواقع يصحّ عقابه ولا يقبح عند العقل والعقلاء ، وهكذا قلنا في مورد الأمارة المخالفة للواقع إن أخذ بالأمارة فهو معذور بخلاف ما لو خالف الواقع غير معتمد على الأمارة فإنّه يعاقب على هذه المخالفة.
قوله : وما ذكرناه أولى ، إلى آخره (١).
هذا هو الصواب في الجواب عن هذه الأخبار ، وجه الأولوية أمور :
أحدها : أنّ سياق هذه الأخبار آب عن التخصيص ، فإنّ ظاهرها كونها إرشادا إلى حكم العقل وأنّ هذا أمر مركوز في العقول لا أنّ الدخول في الهلكة أمر تعبّدي منهي عنه في بعض الموارد مرخّص فيه في بعض آخر.
الثاني : أنّ مثل هذا التخصيص مستهجن لكونه تخصيصا أكثريا لخروج الشبهة الموضوعية مطلقا في غير الشبهة المحصورة وخروج الشبهة الحكمية الوجوبية أيضا باتفاق من الأخباريين إلّا نادرا منهم ، ولا يبقى تحت العام سوى الشبهة الحكمية التحريمية لفقد النصّ أو إجمال النصّ والشبهة المحصورة ، وهو أقلّ من المخرج بكثير.
الثالث : ما أشار إليه في المتن من أنّه قد استعمل هذه القضية أعني قوله «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» تارة في مورد وجوب
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٢.