التوقّف كما في مقبولة عمر بن حنظلة وصحيحة جميل ، وأخرى في مقام رجحان التوقّف كما في رواية الزهري وموثّقة سعد بن زياد ، مع أنها قضية واحدة يراد منها معنى واحد ، إذ يبعد كل البعد أن يراد وجوب الوقوف بالخصوص في المورد الأول ومطلق رجحانه في المورد الثاني ، بل الظاهر إرادة معنى واحد مناسب للمقامين وهو مطلق الرجحان ، وعلى هذا يكون المراد من الهلكة مطلق الأمر المرجوح الذي يحتمله المكلف في مورد الشبهة ، فيصير محصّل معنى القضية أنّ الوقوف عند الشبهة أمر راجح ، ومع عدم الوقوف والدخول في الشبهة ربما يقع فيما يحتمله من المحذور ، فإن كان المحتمل عقابا ربما يقع فيه ، وإن كان محذورا آخر من كراهة أو محرّم واقعي بلا عقاب أو مفسدة ذاتية دنيوية أو أخروية يقع فيه ، وحينئذ نقول في الشبهة التحريمية التي هي محل النزاع لا يحتمل المكلّف العقاب لمكان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
لا يقال : هذا يرجع إلى الجواب الأول في المتن بعينه وقد أجبت عنه وقلت يكفي هذا المقدار من البيان في رفع موضوع حكم العقل بقبح العقاب.
لأنّا نقول : إنّ الكلام هناك كان مبنيا على أنّ القضية بصدد بيان أنّ ارتكاب الشبهة باعث لاحتمال الوقوع في الهلكة. وبعبارة أخرى احتمال العقاب مستفاد من نفس هذه الأخبار ، وعلى هذا التقدير لا يدفعه حكم العقل بقبح العقاب كما ذكرنا ، والكلام هنا مبني على ظهور الأخبار في أنّ المحذور الذي يحتمله المكلف في حدّ نفسه مع قطع النظر عن هذه الأخبار في ارتكاب الشبهة يقع فيه لو طابق الاحتمال للواقع ، فلا بدّ أن يكون احتمال العقاب في مثل ما نحن فيه ثابتا في نفسه حتى يشمله إطلاق هذه الأخبار ويثبت وجوب الاحتياط وليس فليس.