الكثيرة الدالة على التوقف وإن كانت ضعيفة أقوى من مرسلة واحدة ، مع أنّ فيها مقبولة عمر بن حنظلة وقد بلغت في الاعتبار عندهم إلى حيث سمّيت بالمقبولة.
وفيه : ما مرّ عند ذكر أخبار البراءة أنّ جلّها لو لم يكن كلها دالّ على البراءة بحيث يعارض أخبار التوقف وليس من قبيل الأصل بالنسبة إلى الدليل فراجع.
وأما قوّة الدلالة فإنّها غير معلومة. وفيه : أنها معلومة لأنّ أخبار البراءة نصّ في الرخصة والإباحة وأخبار التوقّف على تقدير تسليم تماميتها ظاهرة في وجوب التوقّف يمكن حملها على مطلق الرجحان كما حملناها فيجب تقديم النص وصرف الظاهر.
وأمّا معاضدتها بالكتاب والسنّة والعقل فلأنّ ما استفيد منها ليس إلّا أن الأصل عند عدم الدليل على الواقع ولا على وجوب الاحتياط في الظاهر هو البراءة ، ومن الواضح أنّ الأصل لا يعاضد الدليل كما لا يعارضه. وفيه : ما مرّ من أنّ الآيات على تقدير تماميتها سيّما قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(١) معارضة لأخبار التوقف ، وليس مفادها تقرير حكم العقل من عدم العقاب بلا بيان أصلا ، نعم حكم العقل على ما قرّره وما قرّرناه أيضا ليس معاضدا هذا ، نعم لو قيل في وجه تقديم أخبار التوقف ردّا على المجيب بأنّها أقوى من جهة معاضدتها بسائر فرق أخبار الباب من أخبار الاحتياط وأخبار التثليث وقد بلغت في الكثرة إلى نيّف وسبعين على ما في الوسائل كان له وجه فتأمل.
__________________
(١) الطلاق ٦٥ : ٧.