الانطباق القهري فتدبّر. نعم لو كان حجية الأمارات من حيث الموضوعية لا من حيث الطريقية إلى الواقع كان كما ذكره المستدل من عدم الانطباق ، إذ يكون حينئذ معنى حجية الأمارة ترتيب آثار الواقع على مؤداها وإن تخلّف عن الواقع ، وهذا بخلاف ما إذا كان اعتبارها من حيث الطريقية فإنّ معنى حجيتها جعل مؤدّاها واقعا وإلغاء احتمال خلافه ، وحينئذ لا مناص من انطباق المعلوم الإجمالي على موارد الأمارات لأنّها محرمات واقعية بحكم الشارع ، والمعلوم بالإجمال لم يكن إلّا محرّمات واقعية.
ثم لا فرق فيما ذكرنا من الانطباق القهري بين ما إذا كان الزائد على المقدار المعلوم بالإجمال كالعشرة مثلا منفيا بالعلم كمثال الظهر والجمعة الذي تقدم شاهدا على المطلب أو كان منفيا بالأصل كمسألة ما نحن فيه حيث نحتمل وجود محرمات أخرى زائدة على المعلومات بالإجمال ، ولا يتوهم في القسم الثاني أنّ الانطباق مشكوك ، إذ لعلّ ما وجدنا من المحرمات أو بعضها هي المحرمات المحتملة لا المعلومة بالإجمال ، لاندفاعه بأنّه لا يعقل عدم الانطباق على المحرمات المعلومة ، لأنّ المفروض أنّ المحرمات المعلومة بالإجمال لا علامة لها في ظرف العلم ولا خصوصية مميّزة حتى يصح أن يقال إنّ ما وجدنا لعلّه غيرها ، وهذا بعينه كمفهوم النكرة فلو قال مثلا : جئني برجل ، فإن أتيت بزيد امتثالا فلا يعقل أن يكون ما أراده منك غير ما أتيت به ، ولا يمكن أن يقال لعلّ الرجل الذي أراده منك غير زيد بل ينطبق على زيد قهرا فهو عين ما أراده منك ، وبالجملة بعد الانطباق المذكور فالزائد على المقدار المعلوم منفي بالأصل أوّلا قبل مراجعة الأدلة ، وأثر إجراء الأصل بالنسبة إلى الزائد يظهر بعد مراجعة الأدلة والظفر بالمحرمات على مقدار المعلوم فإنّه لا يجب الاحتياط في المشكوكات الباقية ، وكذا تظهر الثمرة فيما لو عصى وارتكب المحتملات