بأجمعها فإنه لا يعاقب على أزيد عن المقدار المعلوم وإن كان المحرّم في الواقع زائدا على المتيقن ، وإن ضايقت عن صحة إجراء الأصل قبل مراجعة الأدلة وقلت إنّ مورد إجراء الأصل لا يكون إلّا أمرا معيّنا في الخارج كهذا الفعل وذاك الفعل لا العنوان الكلي كالزائد على المقدار المعلوم ، نقول لا شك في أنه يصح إجراء الأصل بعد المراجعة إلى الأدلة وتحصيل مقدار المعلوم منها ، فيقال في كلّ من المشكوكات الباقية واحدا واحدا الأصل البراءة منها ، وهذا لا شبهة فيه.
قوله : والجواب أوّلا : منع تعلّق تكليف غير القادر (١).
قد أجاب الماتن في مسألة حجية الظواهر عن الإشكال بوجه آخر غير الجوابين المذكورين هاهنا ، وهو أنّ أطراف المعلوم بالإجمال منحصرة في مؤديات الطرق ، والشك في غيرها من الشبهة البدوية ، فلا يجب الاحتياط في غير مورد الأمارات.
فإن قلت : إنا نجد قبل مراجعة الأدلة والالتفات إليها العلم الإجمالي المذكور بوجود محرّمات كثيرة في الشريعة أعمّ من موارد الأدلة وغيرها.
قلت : نعم ولكن ذلك من جهة اختلاط أطراف العلم الإجمالي بغيرها من الشبهات البدوية ، وبعد مراجعة الأدلة يمتاز أطراف الشبهة عن غيرها من الشبهات البدوية ، وذلك نظير ما لو كان هناك قطيع غنم بعضها أسود وبعضها أبيض وقد علمنا بوجود شياه محرّمة في الطائفة السود بخصوصها لكن اختلط السود بالبيض في ليلة ظلماء ، فيتخيّل حينئذ أن مجموع القطيع من أطراف العلم الإجمالي سودها وبيضها ، وليس كذلك بل أطرافه منحصرة في السود ، والشبهة
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٨٩.