نحن فيه مما كان بعض الأطراف معلوم التكليف وأنّ العلم الإجمالي فيه لا يؤثّر وجوب الاحتياط في غيره من الأطراف بل يعمل بالأصل الموجود فيه ، لو سلّم فإنّما يسلّم فيما لو حصل العلم الإجمالي بعد العلم التفصيلي بثبوت التكليف في بعض الأطراف كما إذا علم إجمالا بوقوع قطرة من البول في أحد الإناءين اللذين أحدهما المعيّن بول والآخر ماء ، فيقال إنا لم نعلم بحدوث تكليف آخر لنا من جهة هذا العلم الإجمالي ، وأما في صورة العكس فلا وجه لسقوط حكم العلم الإجمالي بعد تنجّزه بالعلم بحكم بعض الأطراف من جهة أخرى ، ولا ريب أنّ ما نحن فيه من قبيل الثاني.
وثانيا : أنّ ما ذكره لو تم فإنّما يتم فيما لو كان عنوان المكلف به المعلوم بالإجمال والمعلوم بالتفصيل متحدا كالنجاسة في المثال المذكور في المتن ، وأما إذا كان العنوانان مختلفين كما إذا علم بأنّ أحد الإناءين خمر ثم وقع قذر في أحدهما المعيّن فلا ريب أنه لا يسقط بذلك حكم الخمر المعلوم بالإجمال ، لأنّ خطاب لا تشرب الخمر كان متوجّها بالفرض وتوجّه أيضا خطاب اجتنب عن النجس فوجب موافقتهما جميعا ولا يكون إلّا بمراعاة الاحتياط ، ولا وجه لسقوط خطاب اجتنب عن الخمر بتوجّه خطاب اجتنب عن النجس ، بل لو كان خطاب اجتنب عن النجس متوجها أوّلا بالنسبة إلى الواحد المعيّن لم يمنع ذلك من توجّه خطاب اجتنب عن الخمر كما لا يخفى.
وثالثا : أن ما أشار إليه إجمالا هنا بقوله : فأصالة الحل في البعض الآخر غير معارضة بالمثل إلى آخره ، وتفصيلا في مبحث الشبهة المحصورة من أنّ وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة لأجل تعارض الأصول الجارية في كل واحد من الأطراف حتى لو فرض عدم تعارضها بأن كان الأصل في بعض الأطراف موافقا للاحتياط ، أو كان بعض الأطراف غير جار فيه أصل