مكلف بالنسبة إلى تكليف نفسه لا يكون المشكوكات في غير موارد الأمارات من أطراف علمه الإجمالي (١).
قوله : الوجه الثاني أنّ الأصل في الأفعال غير الضرورية الحظر (٢).
استدل لهذا الأصل بوجهين أحدهما : ما أشار إليه وإلى جوابه في المتن وهو حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل. وثانيهما : أنّ الفعل غير الضروري لا مثل التنفّس في الهواء وأكل ما يسدّ به الرمق تصرّف في مال الغير يعني به الباري تعالى عزّ اسمه من غير علم بإذنه ، والعقل يستقلّ بقبح هذا التصرف.
وفيه : ما لا يخفى ، لأنّ التصرّف في مال من هو غني على الإطلاق وكريم على الإطلاق مستجمع لجميع الكمالات منزّه عن جميع النقائص لا يحكم عقولنا بقبحه لو لم نقل بحكم العقل بجوازه والعلم برضا مالكه.
__________________
(١) أقول : الدعوى المذكورة مع التأييد المزبور عهدتهما على مدّعيهما ، فإنّ هذه الدعوى تصح ممن عيّن مقدار معلومه الإجمالي تحقيقا وعيّن موارد الأمارات من بين المشكوكات ووازن بينهما وعيّن بالميزان المذكور أنّ ما عدا مورد الأمارات خارجة عن أطراف ذلك العلم الإجمالي ، ولا أظن أحدا يحصل له هذه الإحاطة بمقدار معلوماته الإجمالية واستحضار جميع موارد الأمارات وغيرها من المشكوكات في جميع الفقه والموازنة والمقايسة حتى يعيّن أطراف علمه في خصوص موارد الأمارات فتدبر. ثم لا يخفى أنّ الدليل العقلي المذكور لو تم كان مقدّما على جميع أدلة البراءة عقلها ونقلها ووجهه واضح ، لأنّ المسألة حينئذ من جزئيات مسألة الشبهة المحصورة ، فكل من يقول بالاحتياط فيها يقول بمحكومية أدلة البراءة بالنسبة إلى دليل الاحتياط في الشبهة المحصورة بالبيان المذكور في محلّه.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٩٠.