قوله : لكونه من باب الشبهة الموضوعية (١).
قد يقال إنّ كونه من باب الشبهة الموضوعية مبنيّ على كون المحرّم العقلي ارتكاب الضرر ، لكنّا ندعي أن العقل يحكم بقبح ارتكاب محتمل الضرر ، فاحتمال الضرر هو موضوع حكمه وهو متحقق لا نفس الضرر حتى يكون الشك في تحققه.
وقد يجاب بأنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل مسلّم لكن إرشادا ، إذ لا قبح في ارتكابه إلّا من جهة أدائه أحيانا إلى الوقوع في نفس الضرر ، فرجع الأمر إلى أنّ القبيح والمحرّم الواقعي ارتكاب نفس المضرّ ، فعاد محتمل الضرر إلى كونه شبهة موضوعية.
والتحقيق أن يقال : إنّ هذا الوجوب الإرشادي كاف في المطلوب من وجوب الاحتياط ، وما ذكره في المتن من أنّ الشبهة الموضوعية لا يجب الاجتناب عنها باتفاق الأخباريين ، فيه أنّ عدم وجوب الاجتناب عن مثل هذه الشبهة الموضوعية أول الكلام عند الأخباريين أيضا ، بل القدر المسلّم من مورده هو الأحكام الشرعية التعبدية كشرب الخمر مثلا ، لأنّ العقاب فيه ليس دائرا مدار الخمر الواقعي حتى يكون احتمال كونه شرب الخمر مساوقا لاحتمال العقاب ، بل حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان يدفع احتمال العقاب ، وأما فيما نحن فيه فقد فرضت أنّ عنوان المضرّ واجب التحرز فاحتمال الضرر مساوق لاحتمال وجوب التحرّز واحتمال حرمة الارتكاب ، فتحقق موضوع حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب ، وهذا بخلاف سائر الشبهات الموضوعية في الأحكام الشرعية ، إذ احتمال الحرمة الواقعية فيها لا
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٩١.