يتيقّن أنه مبغوض المولى قبيح ذاتا ، فما سيأتي من الماتن في التنبيه الرابع من الفرق بينهما وأنّ العقل يحكم بالأول دون الثاني غير واضح ، وقد مرّ منا في مسألة التجري من رسالة القطع أنّ التحقيق أنّ مناط المعصية الحقيقية أيضا هو الجرأة على المولى وهتك احترامه بما يعتقد كونه مخالفة له ، ومناط الإطاعة الحقيقية أيضا كون العبد في مقام الانقياد لأوامر المولى ، ولا ريب في استقلال العقل بقبح الأول وحسن الثاني ذاتا ، وهذا المعنى بعينه موجود في المعصية والإطاعة الحكميتين ، فإذن لا إشكال في كون الاحتياط مستحبا شرعيا بعد الحكم العقلي المذكور بقاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع على المذهب المشهور المنصور ، ولا ينافي ذلك ما مرّ من المصنف من استشهاده بالوجوه الثلاثة السابقة على أنّ أوامر الاحتياط للإرشاد ، لأنّا نقول للاحتياط جهتان من إحدى الجهتين إرشادية وكانت الأخبار ناظرة إليها بالوجوه الثلاثة ، ومن الأخرى مولوية بملاحظة عنوان الانقياد وكون العبد في مقام إطاعة المولى.
فإن قلت : إنّ هذا الحسن الذي يدركه العقل في موضوع الاحتياط يدركه في إتيان مقدمات الواجب للتوصّل إلى الواجب وفي مقدّمات الحرام أيضا ، فيلزم أن يكون جميع المقدّمات لفعل الواجب وترك الحرام مستحبا شرعيا يترتّب عليه الثواب ذاتا وإن اتفق أنه لم يفعل ذلك الواجب أيضا.
قلت : لا ضير في التزامه إذا فعلها بقصد التوصل إلى موافقة الأوامر والنواهي الشرعية ، وكيف كان فقد تحصّل أن الاحتياط قد اجتمع فيه جهتا الإرشادية لما يقصد إدراكه به والمولوية من جهة الحسن الذاتي الثابت لعنوان الانقياد المنطبق على الفعل ، ومن جهة ما استظهره المصنف من بعض الأخبار الذي أشار إليه بقوله : ولكنّ الظاهر من بعض الأخبار المتقدمة ، إلى آخره.