وربما يحتمل التفصيل بين موارد الاحتياط فيحكم في بعضها بالرجحان النفسي وهو فيما لم يكن في ترك الاحتياط احتمال الوقوع في محذور من عقاب أو مفسدة أخروية أو دنيوية كما في ترك الاحتياط في الشبهة التحريمية في مسألتنا على مذهب الأصوليين ، وفي بعضها الآخر بالرجحان الإرشادي وهو فيما كان ترك الاحتياط فيه موجبا للوقوع في المفسدة كما في الاحتياط في الشبهة المحصورة على مذهب المشهور ، وفي مسألتنا على مذهب الأخباريين.
والحق ما مرّ من اجتماع جهتي الإرشادية والمولوية في جميع الموارد.
لا يقال لا معنى للإرشادية في القسم الأول من القسمين المذكورين في هذا التفصيل لأنّه لا يدرك بالاحتياط شيء يكون الأمر بالاحتياط إرشادا إليه من دفع عقاب أو مفسدة أخرى بالفرض. لأنّا نقول يكفي في ذلك إدراك مصلحة امتثال النهي على تقدير ثبوت النهي في الواقع وإن لم يكن هناك عقاب ولا مفسدة يحترز عنه.
ثم لا يخفى أنه إن قلنا بالرجحان النفسي والاستحباب الشرعي في الاحتياط لا يحرز به عنوان المحرّم المحتمل أو الواجب المحتمل ، مثلا لو قلنا برجحان الاحتياط واستحبابه عن المائع المشكوك الخمرية بالاجتناب لا يثبت به عنوان الخمرية للمشكوك البتّة ، وكذا لو قلنا باستحباب إعادة الصلاة التي احتمل اشتمالها على خلل لا يثبت به عنوان الصلاتية ، نعم لو قلنا بأنّ الصلاة ليست إلّا خصوص هذه الأفعال الخاصة مع كونها مأمورا بها ولا عنوان لها واقعا غير هذا ، فيتحقق عنوانها بمجرّد تعلّق الأمر الشرعي بها من باب الاحتياط.