بأنّ الطهارة ليست إلّا نفس الوضوء كما هو الحق المختار ، فلا يجري حينئذ أصالة عدم التذكية بعد الذبح لأنّها محققة بالوجدان ، ولا معنى للشكّ في قابليته للتذكية ، وإن كان هناك شكّ فليس إلّا من حيث الحلية والحرمة فتجري أصالة الحلّ ويكتفى به من غير مزاحم وهو واضح ، لكن ظاهر المشهور هو الأول وأنّ التذكية صفة وجودية تحصل بالذبح مع الشرائط ، كما أنّ مذهبهم أنّ الطهارة صفة وجودية واقعية أو جعلية تحصل بالوضوء ، وعلى هذا التقدير أيضا لنا أن نقول بعدم جريان أصالة عدم التذكية ، لأنّ الشك في قابلية التذكية ناش عن الشك في الحلية الذاتية الشأنية ، إذ لو علمنا بالحلّية الذاتية لا نشك في قابليته للتذكية ، فلو أجرينا أصالة الحلّ وصار حلالا ظاهرا ارتفع الشكّ في القابلية كما هو الشأن في الشك السببي بالنسبة إلى مسبّبه في كل موضع ، ففي المقام يقدم الأصل الحكمي على الموضوعي لأنّ الشكّ في الموضوع مسبّب عن الشكّ في الحكم ، نعم لو لم تجر أصالة الحل الشأنية بأن يقال إنّ دليل الأصل حكم العقل برفع العقاب ، والأدلة الشرعية عليه أيضا لا تفيد أزيد من تقرير حكم العقل ، فحينئذ تجري أصالة عدم التذكية ، بل نقول حينئذ العلم بقبوله للتذكية أيضا لا ينفع في إثبات الحلية الفعلية ، لأنّ الحلية الفعلية مترتبة على تحقق أمرين الحلية الذاتية الشأنية ونفس التذكية ، فلا بدّ من إحراز كلا الأمرين في تحقق الأثر ، هذا كله على فرض كون التذكية صفة وجودية واقعية كالطهارة المعنوية ، ونحن لم نجد شاهدا على ذلك والموجود في كتب اللغة أنّ التذكية هي الذبح ، وتمام الكلام في الفقه.