من يقول بأنّ الخبر الضعيف موضوع لإثبات الاستحباب والكراهة الظاهريين نظير مفاد الأصول ، ولا ريب أنّ أخبار التسامح أظهر في المعنى الثاني كما هو عند المتأخّرين منهم ، وحينئذ لا يرد على الاستدلال بأخبار التسامح بأنها معارضة بمنطوق آية النبأ تعارض العموم من وجه ، لأنّ أخبار التسامح لا يثبت إلّا الاستحباب الظاهري إدراكا للثواب ، وآية النبأ تدلّ على عدم كون خبر الفاسق طريقا إلى الواقع ، ولا منافاة بينهما ، كما لا منافاة بين عدم حجية خبر الفاسق ورجحان الاحتياط في مورده.
وكذا لا يرد ما قيل إنّ حجية الخبر الضعيف ولو في خصوص المستحبات والمكروهات مسألة أصولية لا يمكن إثباتها بخبر الواحد ، لأنّك عرفت أنّ المستفاد من هذه الأخبار ثبوت الاستحباب الظاهري ، فهو نظير الاستصحاب وأصالة البراءة ونحوهما من الأصول التي يجوز التمسّك فيها بأخبار الآحاد ، إما بدعوى أنّ الجميع مسائل فرعية أو بمنع عدم جواز التمسّك في الأصول بخبر الواحد ، وبيانه في محلّه.
وكذا لا يرد ما قيل إنه يلزم حجية الخبر الضعيف مطلقا حتى في الواجبات والمحرّمات ، بأن يحكم في مواردهما بالوجوب والحرمة ، والمعلوم عندهم أنه إن ورد خبر ضعيف بوجوب شيء أو حرمته يحكمون باستحبابه أو كراهته وهو أخذ بغير مؤدّى الخبر ، ووجه دفعه أنّ ما ذكرت إنّما يرد على من يقول بحجية الخبر الضعيف بدليل أخبار التسامح لا على من يذهب على أنّ مفادها ثبوت الاستحباب الظاهري في موضوع مطلق البلوغ.
وقد أورد أيضا على الاستدلال بهذه الأخبار للتسامح في أدلة السنن : بأنّ الظاهر منها ما إذا كان أصل شرعية العمل معلوما وأخبر المخبر بمقدار ثوابه ،