فيعطى ذلك المقدار من الثواب وإن لم يكن كما بلغه.
وفيه أوّلا : منع الظهور فيما ذكر ، بل يشمل ما لو بلغه أصل الشرعية ومقدار الثواب. وثانيا : أنه لو سلّم ما ذكر في بعض تلك الأخبار مثل قوله (عليهالسلام) «من بلغه شيء من الثواب على عمل» فلا نسلّم ذلك في بعضها الآخر مثل قوله (عليهالسلام) «من بلغه شيء من الخير» إلى آخره ، وكيف كان فقد عرفت أنّ التحقيق في الجواب عن هذه الأخبار لإثبات الاستحباب الشرعي ظهورها في التفضل بالثواب ، وأنّ المراد بالبلوغ البلوغ المعتبر.
ويؤيّد ذلك أنه لو كان المستفاد منها أنّ الإتيان برجاء الواقع راجح نفسيّ ومستحب شرعي مطلقا صادف الواقع أو لا لزم تعدد الثواب على تقدير المصادفة ، ثواب على نفس المستحب الواقعي وثواب على عنوان العمل برجاء إدراك الواقع ، نظير الإتيان بمحرّم واقعي بعنوان التشريع ، فيستحق به عقابان بملاحظة العنوانين ، مع أنّ ظاهر الأخبار ترتّب ثواب واحد على التقديرين ، نعم لو ادّعى المستدل بهذه الأخبار أنا نستكشف الأمر بعنوان العمل برجاء إدراك الواقع في صورة عدم المصادفة ، وأما عند المصادفة فيكفي في ترتّب الثواب وجود الأمر الواقعي بالعنوان الأولي للفعل ، اندفع إشكال تعدّد الثواب عنه ، والوجه فيه أنّ غاية ما يستفاد من هذه الأخبار ترتّب الثواب على العمل برجاء إدراك الواقع ، والعقل يحكم بأنّ ترتّب الثواب لا يكون إلّا عن أمر ، فإن كان هناك أمر واقعي كما في صورة المصادفة فهو وإلّا لزم وجود أمر آخر ، ونظير هذا الإشكال والجواب ما مرّ في مسألة التجرّي من رسالة القطع من أنّه بناء على حرمة التجري يلزم تعدّد العقاب إذا تحقّق التجرّي في ضمن المعصية الحقيقية ، وأجاب عنه صاحب الفصول بتداخل العقابين ، وأورد عليه المصنف بأنّه لا وجه للتداخل بعد تسليم تعدّد عنوان المحرّم.