والتحقيق في ردّه ما مرّ هناك من منع تعدد عنوان المحرّم في صورة المصادفة بناء على أنّ عنوان المعصية لا يتحقق بمجرّد تحقّق المخالفة وإلّا لتحقق في صورة الجهل والنسيان أيضا ، بل إنما يتحقق بالمخالفة بعنوان التجري وهتك حرمة المولى ، فالعنوان المحرّم في الحقيقة في صورتي المصادفة وعدمها هو التجري أعني الفعل المتجرّى به ، فليس في الصورتين إلّا معصية واحدة وعقاب واحد وهو المطلوب ، وهكذا نقول فيما نحن فيه إنّ الثواب مترتب على الفعل بعنوان الانقياد صادف الواقع أو خالف ، وهذا المعنى لا يتعدّد في صورة المصادفة.
ومما ذكرنا يظهر جواب إيراد آخر يمكن أن يورد هنا على الاستدلال بهذه الأخبار على إثبات الاستحباب الشرعي ، وهو أنه إذا ورد خبر معتبر يفيد وجوب شيء لزم الحكم بوجوبه واستحبابه معا وهذا مما لا يلتزمونه ، أما وجوبه فباعتبار كونه مفاد الخبر المعتبر ، وأما استحبابه فباعتبار ثبوته بأخبار التسامح إذا فعله برجاء إدراك الثواب. ودعوى أنّ أخبار التسامح لا يشمل مورد بلوغ الخبر المعتبر ، بل يختص بموارد الأخبار الضعيفة مجازفة.
توضيح الجواب أنّ المستفاد من هذه الأخبار على مذاق القوم أنّ موارد بلوغ الثواب لا يخلو عن الأمر ، فإن كان الأمر الواقعي الأولي فبها وإلّا فهو مأمور به أيضا ، ولا يلزم أن يكون في مورد ثبوت الأمر الواقعي أمر آخر ندبي حتى يلزم تعدّد الأمر وتعدد الحكم.
بقي شيء : وهو أنّه على تقدير صحة الاستدلال بهذه الأخبار على إثبات الاستحباب هل يشمل ما إذا ورد خبر ضعيف باستحباب شيء أو وجوبه لكنه يحتمل كونه حراما بل يفرض ورود خبر ضعيف بحرمته أيضا أم لا؟ الظاهر