الأول ، وقد يدّعى انصرافها إلى غير هذا الفرض وهو ممنوع ، نعم إن كان منشأ احتمال الحرمة خبر آخر يقع التعارض بين استحباب الفعل واستحباب الترك ، فإما أن يرجّح جانب احتمال الحرمة وإما أن يحكم بالتخيير.
قوله : بل قد يناقش في تسمية ما يستحقه هذا العامل لمجرّد احتمال الأمر ثوابا وإن كان نوعا من الجزاء (١).
لعل المناقشة باعتبار ما اصطلح عليه المتكلّمون من أنه يعتبر في الثواب أن يكون على وجه التبجيل والتعظيم ، واحترزوا بهذا القيد عن التفضل وإلّا فما يفهم من الثواب عرفا ليس إلّا مطلق الأجر والجزاء فتدبّر.
قوله : ولا يترتب عليه رفع الحدث ، فتأمل (٢).
لعل وجه التأمل أنه على تقدير ثبوت الاستحباب الشرعي أيضا لا يترتب عليه رفع الحدث ، لأنّ رفع الحدث إنما يترتب على عنوان الوضوء ، ولا يثبت هذا العنوان بأخبار التسامح ، بل غاية ما يستفاد منها أنّ نفس العمل برجاء إدراك الثواب مستحب أما أنه وضوء فلا ، وقد مرّ بيان ذلك في أوامر الاحتياط على تقدير كونها شرعية لا إرشادية عن قريب ، نعم لو قيل بدلالتها على حجية الخبر الضعيف ثبت عنوان الوضوء أيضا لأنّه مدلول ذلك الخبر.
وينبغي التنبيه على أمور كلها متفرّعة على ثبوت قاعدة التسامح : منها أنّ الظاهر شمول القاعدة لما إذا ورد خبر معتبر بعدم استحباب شيء وورد خبر ضعيف باستحبابه أو وجوبه ، لقيام احتمال الاستحباب واقعا ، فيصح أن يعمل برجاء إدراك الثواب ، ودعوى الانصراف عن مثله ممنوعة.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٥٧.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٥٨.