وشكّ في كونه واجبا تعيينيا أو تخييريا بينه وبين إكرام عمرو ، فيرجع الشك إلى أنه هل يجب إكرام عمرو تخييرا أم لا. الثانية : أن يعلم بالوجوب التخييري في الجملة لكن لم يعلم أنّ أطراف التخيير اثنان أو ثلاثة ، مثلا نعلم بوجوب إكرام زيد أو عمرو على التخيير في الجملة لكن نشكّ في تعلّق هذا الوجوب بإكرام بكر أيضا حتى يكون أطراف التخيير ثلاثة أو لا. ولا يخفى أنّ الصورة الأولى بل الثانية أيضا كما يظهر بالتأمل داخلة في مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير بل هي عينها ، والمسألة معنونة في أواخر الرسالة ذات قولين يأتي مفصّلا ما قيل فيها أو يمكن أن يقال ، لكن الفرق بين عنوان مقامنا وعنوان المسألة المعروفة أنه في هذا المقام يتكلّم في جريان أصالة البراءة بالنسبة إلى الطرف المشكوك في تعلّق الوجوب به ، وفي تلك المسألة يتكلّم في جريان أصل البراءة من التعيين بالنسبة إلى الطرف المعلوم الوجوب في الجملة ، أو جريان أصالة الاشتغال بالوجوب المتعلّق به حتى يعلم الفراغ منه.
قوله : فلا تجري فيه أدلة البراءة لظهورها إلخ (١).
توضيح مراده : أنّ أدلة البراءة عقلها ونقلها غير جارية فيما نحن فيه ، أما العقل فلأنّ غاية ما يثبت به نفي العقاب المحتمل لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وهذا المعنى لا يجري في الشك في الوجوب التخييري ، لأنّه لو كان الوجوب التخييري متيقّنا أيضا لم يكن في ترك إكرام عمرو في المثال المذكور في الحاشية السابقة عقاب ، لجواز إتيان المكلّف الطرف الآخر من التخيير وهو إكرام زيد ، ففي صورة الشك في وجوب إكرام عمرو كيف يحتمل العقاب والحال هذه حتى يحكم بنفيه بحكم العقل على البراءة.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٥٩.