المشهور من اشتغال الذمة في القيميات بالقيمة عند تلفها فيشكّ في اشتغالها بالأقلّ أو الأكثر ، فتجري أصالة البراءة عن الزائد كما أنه تجري أصالة عدم وجوبه أيضا ، وأما إذا قلنا بأنّ العين في عهدة الضامن في القيميات إلى زمان التأدية ، وتفريغ العهدة يحصل بأداء بدله وقيمته لتعذّر أداء العين كما هو المختار المحقّق في محلّه ، فليس المسألة حينئذ من موارد أصل البراءة ، بل مورد أصل الاشتغال ، لأنّ اشتغال الذمة بعهدة العين معلوم ، وإنما الشك في البراءة منه وأنها تحصل بأداء الأقل أو الأكثر ، فيجري استصحاب الاشتغال إلى أن يعلم بالفراغ بأداء الأكثر.
قوله : وتقدم أيضا اندفاع توهّم أن التكليف إلخ (١).
قد تقدّم منا هناك أنّ مقتضى حكم العقل ما ذكره المتوهّم وأنّ حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لا يجري هنا ، إذ ليس بيان الموضوعات من وظيفة الشارع ، والشك إنما هو في الموضوع الخارجي وما يجب أن ينبّه الشارع فهو مبيّن بالفرض ، نعم الأدلة الشرعية لإثبات البراءة تجري في الشبهات الموضوعية كجريانها في الشبهة الحكمية.
قوله : ولكنّ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) بل المقطوع به من المفيد إلى الشهيد الثاني (٢).
أقوال المسألة ترتقي إلى ستة ، الأول : وجوب القضاء حتى يظن الفراغ وهو المشهور كما في المتن. الثاني : وجوبه حتى يعلم الفراغ وهو ظاهر ما نسب
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٦٩.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٧٠.