محلّه لا يرفعه النسيان بعده ، وأصالة البراءة من وجوب القضاء الزائد لا تصلح لأن ترفع حكم العصيان السابق المحقق واقعا بأن يرتفع عقاب ترك الواجب عمدا بها ، ونظيره يجري فيما لو علم باشتغال ذمّته بدين الناس مرددا بين الأقل والأكثر لكن عن غصب ومعصية ، فإنّ أصالة البراءة عن الزائد على المتيقن لا تنفع في رفع عقاب معصية الغصب السابق لو كان ، فيجب بحكم العقل المستقل أداء الأكثر حتى يحصل العلم بفراغ ذمّته عن الدين واقعا ، وهكذا نقول بالنسبة إلى وجوب التوبة فإنّ احتمال تحقق المعصية كاف في حكم العقل بوجوب التوبة ، وأصالة البراءة عن وجوب التوبة وإن كانت جارية في حدّ نفسها لكن لا يترتب عليها رفع حكم المعصية السابقة بالضرورة لو كانت ، فيجب التوبة ، ولازم هذا الوجه أن نقول بلزوم تحصيل العلم بفراغ الذمة عن القضاء وعن الدين في الشبهة البدوية أيضا لو احتمل أنه كان الترك أو الغصب عصيانا ولا يقولون به ، وهكذا يلزم وجوب التوبة في كل معصية محتملة والظاهر التزامهم به.
ولا يخفى أنّ هذا التوجيه مبنيّ على أن يكون القضاء تداركا للأداء يفيد فائدته بدلا عنه حتى كأنّه ما فات ، وكذا يكون الغرامة تداركا للدين السابق تجعله كالعدم ، وأما إذا قلنا بأنّ التكليف بالقضاء والغرامة تكليف مستقل في موضوع من فاته الأداء أو أتلف مال الغير فلا يحكم العقل بالاشتغال لأنّه عصى في التكليف الأولي وهو أمره بأداء الفريضة ونهيه عن الغصب ، ولا ترتفع تلك المعصية إلّا بالتوبة ، وأما التكليف الجديد بالقضاء والغرامة فمشكوك ينفيه الأصل ، إلّا أن يوجّه بوجه آخر وهو أن يقال إنّ صحة التوبة مشروطة بعدم اشتغال ذمّته بحق لله أو للناس واقعا فيجب الاحتياط في القضاء أو الغرامة مقدمة لامتثال أمر التوبة ، إلّا أن يمنع اشتراط التوبة إلّا بتفريغ الذمة عما علم اشتغالها به ، وأما الاشتغال المحتمل فمنفي بالأصل والأصل عدم اشتراط قبول