التوبة به.
والتحقيق أن يقال إنّ هنا جهتين : إحداهما جهة التكليف وعصيانه فهو دائر مدار الواقع لا يرفعه إلّا التوبة ، والأخرى جهة الوضع واشتغال الذمّة بمثل الفائت أو التالف وهذا منفي بالأصل ، ودعوى اشتراط صحة التوبة بعدم هذا الاشتغال واقعا ولو كان المكلّف جاهلا به قد عرفت منعها فتدبّر.
ثم لا يخفى أنه إن قلنا بكون القضاء تابعا للأداء وأنّ الأمر الأول يقتضي وجوب القضاء فحكم الاشتغال في المسألة واضح في جميع صورها بنفس أمر الأداء المتيقّن الثبوت ، والمخالفة إنما حصلت في فوات الوقت وهو تكليف آخر مستقل لا أصل الواجب ، ولكن التحقيق أن القضاء بفرض جديد ، ولا يخفى أيضا أن هذا كله مع الإغماض عما يدل من النص على عدم وجوب قضاء ما شكّ في فوته بعد خروج الوقت أو انصرافه إلى الشكّ البدوي كما أشار إليه في المتن.
قوله : كما يكشف عن ذلك تعلّق أمر الأداء بنفس الفعل وأمر القضاء به بوصف الفوت (١).
يعني لو كان أصل الفعل واجبا مطلقا غير مقيّد بالوقت لما كان لصدق الفوت عليه بالنسبة إلى ما بعد الوقت معنى ، وأيضا يدل عليه إطلاق القضاء فإنّه تدارك العمل بعد خروج وقته ، فلو كان نفس العمل واجبا مطلقا لم يصدق على فعله في خارج الوقت التدارك بل كان نفس الواجب ، اللهمّ إلّا أن يحمل لفظ القضاء على معناه اللغوي وهو مطلق الفعل ، وهو كما ترى تكلّف بعيد عن إطلاقات الأخبار.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٥.