قوله : وأما ثالثا فلأنّه لو تم ذلك جرى فيما يقضيه عن أبويه (١).
إنما يجري هذا النقض بالنسبة إلى التوجيه الأول أعني الاستصحاب فيقال يعلم الولي بشغل ذمة الميت بالصلاة في الوقت والأصل عدم الاتيان به ، فيتحقق موضوع تكليف الولي بوجوب قضاء كل ما فات عن أبويه ، وأما بالنسبة إلى قاعدة الاشتغال فلا يجري التوجيه المذكور.
أما أوّلا : فلأنّ الشغل إن لوحظ بالنسبة إلى الولي فهو مشكوك لا يوجب الفراغ ، وإن لوحظ بالنسبة إلى الميت فهو وإن كان متيقنا في السابق ومشكوك الآن إلّا أن شكّ الولي في أداء الميت ما وجب عليه لا يثبت به شغل ذمّة الولي ولا الميّت ، ولعل الميت كان متيقّنا بالبراءة بإتيان الواجب ، نعم لو فرضنا أنّ الولي علم بأنّ الميت كان شاكا في البراءة ووجب عليه الاحتياط بقاعدة الشغل ولازمه وجوب القضاء على الولي بدليله ، كان له وجه كما أشار إليه في المتن ، لكن هذا مطلب آخر لا كلام فيه.
وأما ثانيا : فلأنّ إجراء قاعدة الاشتغال على ما بيّنه المصنف موقوف على كشف دليل القضاء عن استمرار مطلوبية الصلاة على سبيل تعدد المطلوب ، ولازم هذا البيان بالنسبة إلى قضاء الولي أن يلتزم باستكشاف كون المطلوب وجوب الصلاة على أعم من الميت ووليه ، وكون الواجب مباشرة الميت مطلوبا آخر وقد فات المطلوب الثاني وبقي الأول ، وهو كما ترى في غاية البعد لم يحتمله أحد ، وهذا بخلاف التزام اشتغال ذمّة الشخص بالصلاة مطلقا غير مقيّد بالوقت وخارجه ثم تكليف آخر بالإتيان في الوقت ، فإنّ هذا قريب من مساق الأدلة وقد اختاره جماعة ، وإن كان التحقيق خلافه ، هذا كله ما يقتضيه النظر
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٦.