ولتوضيح المقام نذكر مثالا في العقل ومثالا في العرف ، أما الأول فنفرض شيئين معلولين لعلّة واحدة وشيئا آخر معلولا لأحد المعلولين فلا شكّ أنه إذا وجدت العلة الأولى وجدت المعلولات الثلاثة في زمان واحد لفرض العلية التامة في المرتبتين ، لكن المعلولين الأولين في عرض واحد وفي طول العلة الأولى ، وكذا المعلول الثالث في طول علّته التي هي أحد المعلولين الأولين ، لكنه ليس في طول المعلول الآخر التي لا علّية بينهما ولا وجه لترتبه عليه غير العلية المفقودة بينهما بالفرض.
وأما الثاني : فلنفرض سلطانا يقاتل بأمير جيشه وجيشه سلطانا آخر كذلك ، فلا ريب أنّ أمير الجيش والجيش في طول السلطان مؤتمر بأمره منزجر بنهيه لكنه ليس في طول السلطان الآخر ، بل الأمير والجيش يشاركان السلطان في مقاتلة السلطان الآخر ويكونان في عرضه ، فليتأمل (١).
قوله : وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبب (٢).
إنما يتم هذا البيان وينتج المدّعى من جريان الأصل في الشك المسبّب
__________________
(١) أقول : هذا الإيراد مندفع عن المصنف على مذاقه ، لأنّه يقول بأنه لو كان شك مسببا عن شكّ آخر لم يمكن جريان أصلين فيهما بمعنى عدم اقتضاء الجريان فيهما ، بل يلاحظ حكم الأصل أولا في السبب فإن كان فيه أصل سليم عن المعارض فهو ولا مجال للأصل في المسبب ، وإلّا يلاحظ الأصل في المسبب ويحكم على طبقه لو كان هناك أصل ، وبالجملة لا يكون المقام قابلا لجريان الأصلين في السبب والمسبب حتى يحصل التعارض بينهما وبين الطرف الآخر فيما نحن فيه ، نعم بناء على المختار من جريان الأصل في السبب والمسبب لو كانا متوافقين تمّ الإيراد ، ويقع التعارض بينهما وبين الأصل في الطرف الآخر إلى آخر ما ذكرنا.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٤٣.