فيما إذا سقط الأصل في السبب بالتعارض وبقي مورد السبب خاليا عن الأصل ، فحينئذ يجري الأصل في مورد الشك المسبب سليما عن المعارض كما في مثال الماء النجس المتمم كرا والثوب النجس المغسول بالماءين المشتبهين المذكورين في المتن ، وأما إذا كان سقوط الأصل في السبب منشأ لجريان أصل آخر في مورده فإنه يكون حاكما على الأصل في الشك المسبب فلا يجري كما نحن فيه ، فإنّه لمّا سقط استصحاب الطهارة في الملاقى بالفتح بتعارضه للأصل في الطرف الآخر صار مجرى لأصالة الاحتياط بوجوب الاجتناب عنه وعن صاحبه ، فكما أنه لو كان استصحاب الطهارة جاريا فيه كان حاكما على الأصل في الملاقي بالكسر ، كذلك يكون أصل الاحتياط الجاري فيه أيضا حاكما على الأصل في الملاقي طابق النعل بالنعل.
فإن قلت : إنّ أصل الاحتياط الجاري في الملاقى بالفتح إنما هو بمناط كونه مقدمة علمية وهذا المناط غير موجود في الملاقي فكيف يكون الأصل في الأول حاكما على الثاني.
قلت : لا نسلّم اشتراط اتحاد المناط في كون أصل حاكما على أصل آخر ، سلّمنا لكن نمنع عدم اتحاد المناط هنا ، إذ بعد العلم بأنّ الملاقي والملاقى حكمهما متحد واقعا لا يحصل العلم بالاجتناب عن المحرّم الواقعي إلّا باجتنابهما مع الطرف الآخر وهذا وجداني لا يحتاج إلى البرهان. فتحصّل أنّ القاعدة تقتضي وجوب الاجتناب عن الملاقي بناء على القول بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة.
بقي الكلام في الوجه الأول الذي أشرنا إليه في جواب السؤال من أنّ المسألة من قبيل ما لو وقع نجاسة في أحد الإناءين اللذين يعلم بنجاسة أحدهما