لأنّ اتصال زمان الشك بكل واحد من الطهارة والحدث غير معلوم ، وعلى مذاق المشهور يجري الاستصحابان ويتعارضان فيتساقطان ، وهذا الوجه منسوب إلى الشيخ الجليل الشيخ راضي (طاب ثراه) وهو الوجه ، ولعل المصنف كان ناظرا إليه حيث لم يتمسك باستصحاب الحيض وتمسك بأصالة الإباحة فتدبّر.
قوله : لعدم جريان استصحاب الطهر (١).
يمكن أن يقال بجريان استصحاب الطهر كما يجري استصحاب الحيض فيتعارضان ويتساقطان فيرجع إلى أصالة الإباحة ، بيان ذلك : أنه كما يتيقّن في آخر الشهر تحقق حيض في الشهر كذلك يتيقّن تحقق طهر أيضا ، لا بمعنى حدوث طهر جديد بعد الحيض حتى يقال إنه مشكوك ، بل بمعنى تيقّن وجود زمان طهر في هذا الشهر ضرورة عدم زيادة الحيض عن العشرة ، غاية الأمر أنه يشك في كونه متصلا بالطهر السابق من هذا الطهر أو طهرا جديدا منفصلا عنه ، فيحكم ببقاء هذا الطهر بالاستصحاب ويتعارض مع استصحاب الحيض ، وهذا نظير ما لو غسل ثوب متيقّن النجاسة مثلا بكل واحد من طرفي الشبهة المحصورة ثم يشك في طهارة الثوب فيقال نعلم بزوال النجاسة السابقة عند غسله بالماء الطاهر واقعا ولا كلام فيه ، لكن نعلم أيضا بأنّ الثوب كان نجسا بعد غسله بالماء النجس الواقعي وكان طاهرا بعد غسله بالماء الطاهر الواقعي ونشك في تقدّم زمان الطهارة أو النجاسة ولذا نشك في طهارة الثوب ونجاسته الآن ، فيجري استصحابا الطهارة والنجاسة فيتعارضان ، وما نحن فيه ليس نظيرا للمثال المعروف من تعاقب الحدث والطهارة والشك في التقدم والتأخر للفرق بينهما بأنّ الطهارة السابقة على الحالتين أو الحدث السابق عليهما لا يمكن
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٤٩.