استصحابه في زمان الشك أصلا ، لعدم العلم بزمان اليقين على خلاف الحالة السابقة ، وهذا بخلاف مثال ما نحن فيه ونظيره فإنّ الطهر السابق مستصحب إلى زمان يقين حصول الحيض في آخر الشهر ، وكذا نجاسة الثوب مستصحبة إلى زمان تحقق الغسل بالماء الثاني الذي هو أحد طرفي الشبهة ، ثم بعد هذه الحالة يحصل الشك ويجري الاستصحابان المتعارضان.
أقول : الانصاف أنه لا فرق بين مثال تعاقب الحدث والطهارة ومثال ما نحن فيه وما ذكر من الفرق ممنوع ، إذ كما يجري استصحاب الطهر إلى أن يبقى مقدار الحيض فيما نحن فيه يجري استصحاب الحالة السابقة في مثال التعاقب إلى زمان اليقين بحدوث الحالتين ، مثلا لو كان متطهرا قبل طلوع الشمس وبعد ساعة يتيقّن حدوث الحالتين فإنه يستصحب الطهارة إلى زمان ما قبل الساعة ، إذ لم يتيقّن خلاف الحالة السابقة إلى هذا الحين فتدبّر ، هذا كله على مذاق غير الشيخ راضي (رحمهالله) ، وأما على تحقيقه الذي أشرنا إليه في الحاشية السابقة لا يجري واحد من الاستصحابين لعدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، وهذا هو الوجه.
نعم يمكن أن يقرّر استصحاب الطهر فقط بوجه آخر لا يرد عليه إيراد الشيخ راضي (رحمهالله) بل يتمّ على مذاقه أيضا ، وهو أن يقال إنّ الطهر الظاهري ثابت إلى آخر الشهر إلى أن بقي مقدار الحيض ، فحينئذ حصل الشك بسبب اليقين بحدوث حيض في وقت من أوقات هذا الشهر من أوله إلى هذا الحين ، فيجري استصحاب الطهر الظاهري الذي كان ثابتا إلى زمان الشك متصلا به ، وهذا بناء على عموم المتيقن السابق للطهارة الواقعية والظاهرية كما هو كذلك في سائر مجاري الاستصحابات.