لا يقال : إنّ الطهر الظاهري الاستصحابي قد ارتفع بحصول اليقين بحدوث حيض في الشهر فكيف يمكن استصحابه ، وليس هو إلّا نظير استصحاب حياة زيد إلى زمان حصول اليقين بموته ببلوغ مائة وعشرين سنة مثلا.
لأنا نقول : إنّ الحيض في مثالنا ليس نظير الموت في مثال النظير ، لأنّ الحيض لا يبقى أبدا كالموت بل ينقضي بعد أيامه ويحصل الطهر ، فعدم جواز استصحاب الحياة المستصحبة في مثال النظير للعلم بعدم الحياة بعد الموت ، بخلاف ما نحن فيه فإنّه يحتمل تحقق الطهر واقعا حال حصول اليقين بطروّ حيض من أول الشهر إلى هذا الحين.
والتحقيق أنّ هذا الاستصحاب أيضا غير جار ، لأنّ الطهر الظاهري الاستصحابي المذكور غير قابل للبقاء حتى يستصحب ، لأنّه قد حصل غاية استصحابه بحصول اليقين بالحيض فقد انتقض اليقين السابق باليقين بخلافه ، فلم يبق مجرى للاستصحاب بالنسبة إليه فتدبّر.
فتحصّل مما ذكرنا أن في المسألة وجوها ثلاثة : الأول استصحاب الحيض على ما قررناه في الحاشية السابقة. الثاني : استصحاب الطهر على ما عرفت آنفا. الثالث : نفي حكم استصحابهما إما لحصول التعارض بين استصحابيهما وتساقطهما وإما لعدم جريانهما من الأصل ، وقد عرفت أنّ أوجه الوجوه هو الوجه الأخير من الوجه الأخير ، فالمرجع أصالة الإباحة كما في المتن ، هذا كله حال الأصول الجارية في حقّ الزوج بالنسبة إلى حكم اعتزاله النساء في المحيض.
وأما نفس الحائض باعتبار تكليف نفسها فالظاهر وجوب الاحتياط عليها في مفروض البحث مما لا طريق شرعيا ترجع إليه في تعيين حيضها من