قوله : واعلم أنا لم نذكر في الشبهة التحريمية من الشك في المكلّف به صور دوران الأمر بين الأقل والأكثر (١).
محصّل المراد أنّ المحرّم المردد بين الأقل والأكثر ليس كالواجب المردد بين الأقل والأكثر منقسما إلى قسمين ارتباطي واستقلالي بل منحصر في الاستقلالي وبيان ذلك : أنّ الواجب المردد بين الأقل والأكثر قد يكون استقلاليا كأداء الدين الواجب المردد بين درهم ودرهمين بمعنى أنّ أجزاء الواجب لا يرتبط بعضها ببعضه فلو كان الواجب في الواقع أداء درهمين لا يتوقف امتثاله بأداء مجموع الدرهمين بل يحصل الامتثال بأداء درهم أيضا بقدر الدرهم ، لكن يبقى الاشتغال بدرهم آخر ، فالواجب ينحل بالأخرة إلى واجبين يدور الموافقة والمخالفة في كل منهما مدار موافقته ومخالفته لا الموافقة والمخالفة في الآخر ، وفي هذا القسم يرجع العلم الإجمالي بوجوب أداء درهم أو درهمين إلى العلم التفصيلي بوجوب درهم واحد على كل تقدير والشك في وجوب أداء الدرهم الآخر ابتداء ولا إشكال في كونه مجرى للبراءة ، وقد يكون ارتباطيا كالصلاة الواجبة المرددة بين كونها مع السورة أو بلا سورة بمعنى أنّ أجزاءها مرتبطة بعضها ببعض ، فلو كان الواجب في الواقع هو الصلاة مع السورة لا يحصل الامتثال بالصلاة بغير السورة بل تكون لغوا محضا ، وهذا القسم هو معركة للآراء في أنه لو علم إجمالا بوجوب أحدهما هل هو مجرى للبراءة أو الاشتغال على ما يأتي تفصيله في المتن.
وأما الحرام المردد بين الأقل والأكثر فإن كان من قبيل الأول كقراءة العزائم للجنب والحائض المرددة بين كون المحرّم عليهما قراءة خصوص آية
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٧٧.