كان ذلك وجها آخر لوجوب الاحتياط ، وجوابه منع اقتضاء أدلة الاشتراك ذلك ، بل لا تقتضي أزيد من اشتراك عالمهم بالخطاب مع عالمهم به وجاهلهم مع جاهلهم.
وقد يقال : إنّ مراد المستدل أنّ الشاك من الحاضرين في مسألتنا حكمه وجوب الاحتياط ، فبدليل الاشتراك نحكم بأنّ الغائبين أيضا حكمهم كذلك ، ويقال إنّ قوله في المتن في ذيل الجواب ولا ريب أنّ وجوب الاحتياط على الجاهل إلى آخره ، إشارة إلى هذا التقرير.
وفيه أولا : منع كون تكليف الحاضرين هو الاحتياط.
وثانيا : لو سلّمنا ذلك فإنما هو لأجل قدرتهم على تحصيل العلم بالواقع بالفحص والرجوع إلى الإمام (عليهالسلام) بخلاف الغائبين فلا يمكنهم تحصيل العلم بالواقع وتجري قاعدة البراءة بالنسبة إليهم.
قوله : كما مثّلنا له بالخمر المردد بين الإناءين أحدهما المعيّن نجس (١).
فرق بين المثال وما نحن فيه من جهة كون العلم فيما نحن فيه واحدا وإن انحلّ إلى علم تفصيلي وعلم إجمالي ، بخلاف المثال فإنّ فيه علمين من الأول أحدهما تفصيلي والآخر إجمالي ، فإن سلّمنا في المثال جريان البراءة فإنّها لا تجري فيما نحن فيه ، وتوضيح ذلك أنّ المثال يتصوّر على صور :
أحدها : أن يعلم أوّلا أنّ أحد الإناءين بعينه متنجس بملاقاة البول مثلا ، ثم علمنا بوقوع قطرة من البول في أحدهما غير المعيّن ، ففي هذه الصورة تجري
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٢٧.