الواقع بعد العمل أيضا لم يجب الإعادة والقضاء ، وهو ظاهر العبارة لكنه في غاية البعد عن الاعتبار ، ويحتمل أن يكون المراد سقوط الشرط ظاهرا بمعنى عدم وجوب إحرازه بل يكتفى فيه بالاحتمال نظير سائر موارد الأصول والأمارات ما دام الجهل ، فلو زال الجهل يدور الأمر مدار واقعه وهذا هو الأوفق بالاعتبار وإن كان خلاف ظاهر العبارة ، وكيف كان فيرد على هذا الوجه ـ مضافا إلى أنّ المختار عدم اعتبار الجزم في النية ، وإلى أنه على تقدير اعتباره في الجملة لا يعتبر في موارد الاحتياط وإلّا لم يشرّع الاحتياط أصلا ، وسرّه أنّ مرتبة شرط الجزم متأخرة عن مرتبة سائر الأجزاء والشرائط ـ أنّ فوات الجزم في النية لا يتفرّع على الاحتياط بتكرار العمل بل على الجهل بكون الشيء شرطا أو مانعا أو الجهل بجهة القبلة في مثال النظير ، لأنّه لو ترك الاحتياط وأتى بأحد المحتملات لإدراك الجزم لم يمكن ذلك لعدم الجزم بأنه مطابق للواقع جزما ، وإن أريد الجزم في النية بحسب التكليف الظاهري فهذا المعنى موجود في الاحتياط أيضا كما لا يخفى ، نعم لو قلنا على تقدير عدم التكرار للاحتياط إنّ أصل الشرط ساقط واقعا وشرطية القبلة للصلاة مثلا مقصورة على صورة العلم بها تم ما ذكره من إحراز الجزم في النية فيما يأتي به من الاحتمالين أو الاحتمالات ، واندفع هذا الإيراد ويبقى الإيرادان الآخران ، وقد صرّح المصنف بهذا الإيراد بعينه على هذا الوجه في مسألة المتباينين في السابق.
وبالجملة احتمال كون المقام من موارد جريان البراءة ومقايسته بدوران الأمر بين المحذورين ليس على ما ينبغي البتة ، للفرق الواضح بين المقام وبين دوران الأمر بين المحذورين بعدم إمكان الاحتياط هناك وإمكانه فيما نحن فيه ، ولو فرض المقام بحيث لا يمكن الاحتياط بالتكرار لضيق وقت ونحوه خرج عن موضوع المسألة ، لأنّ مفروض البحث فيما كان قابلا للاحتمالين