الحكمية دون الموضوعية كما سيجيء.
وينبغي التنبيه على أمور كلها يتعلّق بتحقق موضوع الاحتياط الأول : أنه هل يحصل الاحتياط بفعل ما يتمكن من أطراف الشبهة إذا لم يتمكن من الاحتياط التام كما لو قدر على الصلاة إلى أقل من الجهات الأربع عند اشتباه القبلة؟ قيل لا ، لأنّ الاحتياط إنما يحصل بالقطع بإدراك الواقع وهو غير ممكن بالفرض ، والأقوى حصوله بذلك ، لأنّ العقل الحاكم بحسن الاحتياط أو وجوبه لا يفرّق بين الاحتياط التام والناقص ، أما في الاحتياط المندوب فواضح ، ضرورة أنّ الاتيان بالمحتمل لرجاء إدراك الواقع حسن عند العقل جزما ، وأما في الاحتياط اللازم كالصلاة إلى بعض الجهات فلأنّ العقل بعد فرض تنجز التكليف بالواقع وهو الصلاة إلى القبلة واشتباهها يحكم بوجوب بذل الجهد في تحصيل الواقع بالقدر الميسور ولا يعذر المكلف إلّا بمقدار العجز عن إدراكه ، ولعل هذا من الواضحات ، وقد مرّ شطر من الكلام في ذلك في الاحتياط بالنسبة إلى الشبهات البدوية.
الثاني : أنه هل يحصل الاحتياط بفعل بعض أطراف الشبهة بانيا على عدم الإتيان بباقيها مع التمكن من الاحتياط التام؟ قد يتوهّم عدم حصوله إما لعدم صدق الإطاعة بذلك ولو صادف الواقع لأنّه غير عازم على إتيان الواقع وإحرازه مع التمكن منه ، وإما لعدم تمشّي القربة لو فرض ذلك في العبادات ، وكلا الوجهين ضعيفان ، لأنّه يفعل ما يأتي به برجاء إدراك ما أمر به الشارع لا داعي له غير ذلك وإنما يتجرى بترك باقي الأطراف وذلك لا يوجب حزازة فيما يأتي به ، فلو طابق الواقع صحّ فلا يجب الإعادة لو انكشف (١).
__________________
(١) أقول : يمكن إدراج هذا الأمر مع الأمر الأول تحت عنوان واحد ، بل يمكن إدراج