والأظهر في الجواب عن الآية أن يقال : إنّها ناظرة إلى زمان الفترة ، والمراد نفي التعذيب إلّا بعد بعث الرسول ، ولا تدل على نفي التعذيب بعد بعث الرسول ولو علمنا بأنّ حكم هذا المشكوك لم يبيّنه بعد ، وإن ضايقت عن هذا المقدار نقول : لا تدل على نفي التعذيب بعد البعث على حكم بيّنه الرسول وخفي علينا بسبب ظلم الظالمين ومنع المانعين على ما هو مفروضنا في المقام ، لكن يبعّد كونها ناظرة إلى زمان الفترة أنّه يلزم عليه رفع التكليف في زمان الفترة وهو مخالف لما عليه العدلية من عدم خلوّ الأرض عن حجّة يتم بها الحجة على العباد ، فيتساوى جميع الأزمنة في لزوم مراعاة الشريعة والعمل بأحكامها أيّ شريعة كانت ، وحينئذ فالأظهر في الجواب عن الاستدلال بالآية ما سبقت الإشارة إليه من أنّ ظاهرها رفع العذاب عمّا لم يبيّنه الرسول لا ما بيّنه واختفى بسبب ظلم الظالمين (١).
قوله : ثم إنّه ربما يورد التناقض على من جمع ، إلى آخره (٢).
المورد هو المحقق القمي (رحمهالله) قال في القوانين : والعجب من بعض الأعاظم حيث جمع في كلامه بين الاستدلال بالآية لأصل البراءة ودفع الإشكال الوارد من جهة الآية على الأحكام العقلية الإلزامية بجواز العفو عن الله تعالى (٣) انتهى. ومراده ببعض الأعاظم السيد الصدر.
ثم لا يخفى أنّ عبارة المصنف في بيان التناقض لا تخلو عن إغلاق
__________________
(١) أقول : ويمكن أن يجاب بما أجاب به السيد الصدر [شرح الوافية : ٢٢٣ ـ ٢٢٤] عن الاستدلال بها على نفي الملازمة من أنّ نفي فعلية العذاب لا يلازم نفي الاستحقاق الذي هو لازم ثبوت الحكم.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٣.
(٣) قوانين الأصول ٢ : ١٦ ـ ١٧.