قوله : لكن الإنصاف أن غاية الأمر ، إلى آخره (١).
الأولى أن يجاب :
أوّلا : بأنّ التعبير ب (لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ) من باب المجادلة بالتي هي أحسن ، وهي من الكنايات التي هي أبلغ من التصريح ، بأن يقال : إنّ ما حرّمتموه من قبل أنفسكم غير محرّم البتة.
وثانيا : أنّ الآية بصدد الرد على التشريع والحكم بالحرمة من غير علم بها ، وللخصم أن يقول نحن لا نحكم بالحرمة جزما بل نقول بالاحتياط الذي هو سبيل النجاة ، وهكذا نقول في الجواب عن الآية الأخيرة أيضا ، ويظهر وجهه بالتأمّل.
قوله : والإنصاف ما ذكرنا من أنّ الآيات المذكورة لا تنهض على إبطال ، إلى آخره (٢).
اعلم أنّ إيجاب الاحتياط قد يكون من باب الموضوعية حتى يكون وجوب الاحتياط في الشبهة في عرض سائر التكاليف الواقعية يعاقب على مخالفته وإن لم يصادف الحرام الواقعي ، وقد يكون من باب الطريقية بمعنى أنّ الغرض الإرشاد إلى أنّ الواقع المجهول منجّز على المكلف يعاقب على مخالفة ذلك الواقع لو اتّفقت ، والظاهر أنّ أدلة الاحتياط التي متمسّك الخصم تدل على المعنى الثاني عقلها ونقلها ، وهذا هو التحقيق عند المصنف وإن احتمل بعض
__________________
(لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) في مقام إعطاء الضابطة وبيان القضية الكلية ، والمورد ليس مخصّصا.
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٦.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٧.